يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون * واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم * يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم * وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين (الأنفال: 27-30)، وقال ابن جرير: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية عن أيوب عن ابن عباس أنه سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها فأبى أن يقول فيها، إسناده صحيح، وقال أبو عبيد الله: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة قال: سأل رجل ابن عباس عن
يوم كان مقداره ألف سنة (السجدة: 5)، فقال ابن عباس فما:
يوم كان مقداره خمسين ألف سنة (المعارج: 4)، فقال الرجل: إنما سألتك لتحدثني، فقال ابن عباس: هما يومان ذكرهما الله في كتابه. الله أعلم بهما، فكره أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم، وقال ابن جرير: حدثني يعقوب بن إبراهيم،
13
حدثنا ابن علية عن مهدي بن ميمون عن الوليد بن مسلم قال: جاء طلق بن حبيب إلى جندب بن عبد الله، فسأله عن آية من القرآن، فقال: أحرج
14
عليك إن كنت مسلما لما قمت عني أو قال إن تجالسني، وقال مالك عن يحيى بن سعيد بن المسيب أنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال: إنا لا نقول في القرآن شيئا، وقال الليث عن يحيى بن سعيد بن المسيب أنه كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن، وقال شعبة عن عمرو بن مرة قال: سأل رجل سعيد بن المسيب عن آية من القرآن، فقال: لا تسألني عن القرآن وسل من يزعم أنه لا يخفى عليه منه شيء. يعني: عكرمة، وقال ابن شوذب: حدثني يزيد بن أبي يزيد قال: كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام، وكان أعلم الناس، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت، كأنه لم يسمع، وقال ابن جرير: حدثني أحمد بن عبده العنبي، حدثنا عبيد الله بن عمر، قال: لقد أدركت فقهاء المدينة، وأنهم ليعظمون القول في التفسير، منهم سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع الديلمي،
15
وقال: وقال أبو عبيد: حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن هشام بن عروة. قال: ما سمعت أبي تأول آية من كتاب الله قط، وقال أيوب وابن عون وهشام الدستوائي عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة السلماني عن آية من القرآن. فقال: ذهب الذين كانوا يعلمون فيما أنزل من القرآن، فاتق الله وعليك بالسداد، وقال أبو عبيد: حدثنا معاذ عن ابن عون عن عبيد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه قال: إذا حدثت عن الله فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده. حدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه، وقال شعبة عن عبد الله بن أبي السفر قال: قال الشعبي: والله ما من آية إلا وقد سألت عنها ولكنها الرواية عن الله، وقال أبو عبيد الله: حدثنا هشيم أنبأنا عمر بن أبي زائدة عن الشعبي عن مسروق قال: اتقوا التفسير؛ فإنما هو الرواية عن الله.»
فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به، فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا، فلا حرج عليه؛ ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير، ولا منافاة؛ لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد، فإنما كما يجب السكوت عما لا علم له به، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه لقوله تعالى:
ناپیژندل شوی مخ