مستخرج
المستخرج من كتب الناس للتذكرة والمستطرف من أحوال الرجال للمعرفة
پوهندوی
أ. د. عامر حسن صبري التَّميميُّ
خپرندوی
وزارة العدل والشئون الإسلامية البحرين
ژانرونه
المَبْحَثُ السَّادسُ مَآثِرُهُ، وثَنَاءُ العُلَمَاَء عَلَيْهِ
سارَ أَبو القَاسِمِ ابنُ مَنْدَه سِيْرةَ أَسْلَافهِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ في العِلْمِ، والتَّخَلُّقِ، والحِلْمِ، والشَّفَقَةِ، وحُبِّ المَسَاكِينِ، وكانَ آيةً في الفَهْمِ، والذَّكَاءِ، والصِّدْقِ، والعَدَالةِ، والنَزَاهَةِ، وكانَ تَقِيًّا وَرِعًا، قَائِمًا بالسُّنَّةِ، دَاعِيًا إليهَا بِلِسَانِه وقَلَمِهِ، آمِرًا بالمَعْرُوفِ، نَاهِيًا عَنِ المُنْكَرِ، وكانَ قَدْ حَصَّلَ العِلْمَ وَهُو في مُقْتَبَلِ عُمُرهِ، فَلَمَّا آنسَ مِنْ نَفْسه القُدْرَةَ على تَدْرِيسِ الحَدِيثِ ورِوَايَتِهِ اتَّخَذَ مجْلِسًا سنةَ (٤٠٧)، وكانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مجلِسٍ لَهُ، وكانَ في حَيَاةِ كِبَارِ مَشَايْخِه، ولهُ مِنَ العُمُرِ أَرْبَعٌ وعِشْرُونَ سنةً (١).
وكانَ لَهُ أَتْبَاعٌ ومُرِيْدُونَ، يَنْتَمُونَ إليهِ في الاعْتِقَادِ مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ، يُقَالُ لَهُم العَبْدُ رَحْمَانِيَّةِ.
وقدْ أَثْنَى عَلَى أَبي القَاسِمِ جَمٌّ غَفِير مِنَ العُلَمَاءِ مِمِّنْ عَاصَرهُ وتَتَلْمَذَ عَلَيهِ، ومِمِّنْ جَاءَ بَعْدَهُ، يُعَظِّمُونَهُ، ويَعْتَرِفُونَ لَهُ بِعُلوِّ الشَّأنِ في العِلْمِ والوَرَعِ والزُّهْدِ، وهَذِه بَعْضُ الشَّهَادَاتِ في ذَلِكَ:
قالَ ابنُ أَخِيه الإمَامُ المُؤَرِّخُ أَبو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ عَبْد الوَهَابِ بنِ مُحمَّدِ بنِ مَنْدَه: (كانَ عَمِّي سَيْفًا على أَهْلِ البِدَعِ، وَهُو أَكْبرُ مِنْ أَنْ يُثْنِي عَلَيْهِ مِثْلِي ... وكانَ عَظِيمَ الحِلْمِ، كَثِيَر العِلْمِ، قَرَأْتُ عَلَيْهِ قَوْلَ شُعْبَةَ: مَنْ كَتَبْتَ عَنْهُ حَدِيثًا فأَنا لَهُ
_________
(١) ينظر: سير أعلام النبلاء ١٨/ ٣٥٤.
المقدمة / 45