والواقع أن أهل العلم قصروا في خدمة هذا المسند الجليل المحتوى لجل أحاديث الامام الشافعي الى أن قيض اللَّه لخدمته المحدث المسندى القائم بخدمة السنة واقراء الكتب الستة في المدينة المنورة في القرن السابق الشيخ محمد عابد السندي المتوفي سنة ١٢٥٧ هـ، فانه عنى بترتيب مسند الامام الشافعي وتهذيبه أنفع ترتيب، وأمتع تهذيب كما فعل مثل ذلك في مسند الامام أبي حنيفة فكان أجر ملء هذا الفراغ مذخورا له، ليضاعف اللَّه سبحانه حسناته، ويرفع درجاته.
وللسندي هذا: (طوالع الأنوار في شرح الدر المختار) في ستة عشر مجلدًا ضخما بين كتب الرافعي في مكتبة الأزهروله تبويب مسند أبي حنيفة على أبواب الفقه وشرحه في أربع مجلدات باسم (المواهب اللطيفة في شرح مسند أبي حنيفة) بمحمودية المدينة المنورة وبالهند
والمتن المبوب طبع مرات وله (حصر الشارد من أسانيد محمد عابد) من أنفع وأوسع الأثبات المؤلفة في القرن الهجري السابق نسخته سقيمة منه محفوظة بدار الكتب المصرية وكم ختم الكتب الستة سردا، ورواية، وشرحا، ودراية في المدينة المنورة، وبسط القول في ترجمته في (ثبت الاثبات) لمولانا المحدث البارع السيد محمد عبد الحي الكتاني حفظه اللَّه.
ولمحمد عابد السندي أيضا (ترتيب مسند الامام الشافعي) ﵁ على أبواب الفقه مع شرحه الى نصفه، وله غير ذلك، ويقول في (حصر الشارد) عند ذكر مسند الشافعي: (التقطه بعض النيسابوريين - وهو أبو جعفر محمد بن جعفر بن مطر من الأبواب، ويقال بل جرد أحاديث كتب الأم أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر لأبي العباس الأصم، وقيل بل جردها الأصم لنفسه، ولم يرتب الذي جمع أحاديثه على المسانيد ولا على الأبواب، بل اكتفى كيف ما أتفق، فلذلك وقع فيها تكرار في كثير من المواضع، وقد وفقني اللَّه فرتبته على الأبواب الفقهية، وحذفت منه ما كان مكرارا لفظا ومعنى، ووقع إتمامه سنة ١٢٣٠ اهـ ثم شرحت نصفا منه وأسأل اللَّه الاتمام اه) .
والشارح عاش بعد ذلك سبعا وعشرين سنة، ولا أدري ماذا حال دون اتمامه للشرح؟ أم تم ولم يبلغنا خبره؟ وقد قال السندي في مقدمة ترتيب مسند الشافعي بعد ذكره ترتيبه لمسند أبي حنيفة، وكون مسند الشافعي غير مرتب على الأبواب الفقهية: (ولذلك كان يشكل البحث فيه على الطالب خصوصا عند ايراده الحديث في غير مظانه أو تكراره
1 / 7