بعض عند المصاحبة والملاقات لكون الطيرة من الغرائز الكامنة في النفوس فقد يعبر الإنسان تعبير السوء من اشتقاق الاسم فيفارق صديقه وأخاه في السفر والمعاملات والشركات فتنحل عرى الإجتماع وتفكك الوحدة والتضامن ، فكان من لطف الشارع على الأمة ورأفته بهم أن عرفهم بأن لايقيموا على حال يتنفر منها لغير عذر ولا فائدة تعود في الدين والدنيا فإنه جاء حاملا لواء الوحدة والإجتماع والتراحم وادخال المسرات على المؤمنين.
ولذا كان يأمر بالغسل والطيب يوم الجمعة ويمنع آكل الثوم من ادخال المسجد لما فيه من الإستكراء الموجب للتنفر والفرقة الرافعة للحنان والعطف.
وأما عدوله صلى الله عليه وآله عن الجبلين في طريقه الى « بدر » وكان أهل أحدهما بنو النار والآخر بنو محرق فليس للتطير لأنه كان على حال أحوج فيها الى الاجتماع والتضامن من التفرق وغرائز الناس على حالها من الإنقباض عن الأسماء القبيحة فأراد النبي صلى الله عليه وآله مماشاتهم في هذا الحال كي لا يتفرق جيشه تطيرا من اسم الجبلين وأهلهما.
هذا على فرض صحةالحديث وإلا فالمجال واسع في حساب أولئك الرجال من حيث الإعتماد على مروياتهم.
وسؤال الحسين عليه السلام عن اسم الأرض ولما أخبر بأنها كربلاء قال : « كرب وبلاء » لم يكن من التطير في شيء فإن المتطير لم يعلم ما يرد عليه وإنما يستكشف ذلك من تلك الأشياء المعروفة عند العرب إنها سبب لورود الشر ، وسيد الشهداء كان على يقين مما ينزل به في أرض الطف من قضاء الله تعالى فهو عالم بالكرب الذي يحل به وبأهل بيته.
كما أنه عليه السلام لم يكن جاهلا باسم الأرض ، كيف والامام عندنا معاشر الإمامية عالم بما يجري في الكون من حوادث وملاحم ، ويعرف ما أودع الله في الأشياء من أسرار ومزايا إقدارا من مبدع السموات والأرضين جلت عظمته فإنه سبحانه أودع في الأئمة الطاهرين قوة قدسية نورية بواسطتها كانوا يتمكنون من استكشاف الأشياء ، ويقفون على أنساب الناس ، وما تكنه الصدور ، وما يدخرون ، ويعرفون لغات الحيوانات ، واذا جاز في سليمان عليه السلام أن يعرف منطق الطير كما قال تعالى : « وعلمنا منطق الطير » ففيمن تكون من نور النبي الذي هو أكمل
مخ ۷۲