أنشد السراج الوراق البيتين الآتيين:
إذا خمدت نيران صفوك فاعتمد
لإشعالها خمسا غدت خير أعوان
فراح وريحان وساق مهفهف
ونغمة ألحان وصحبة أخوان
رأي هولمز العلامة:
مر هولمز منذ سنين مضت بين قبور الموتى بناحية «سانت أوبرن» فوجد على رخامة ضريح العبارة الآتية
She was so pleasant
التي معنا «كانت جذلة بهذا المقدار»، وبعد أن تأملها هنيهة غلبت عليه نشوة الطرب وصفق بيديه؛ لأن هذه العبارة الوجيزة أوحت إليه ما كان في نفس الراقدة من موسيقى وبهجة وغبطة وسلام ورضى وأخلاق كريمة مما لم تترك مزيدا لمستزيد، وأردف قائلا: كم يمكن أن يصنع من الخير في البيت وفي الجماعة إذا كان قلب الإنسان فرحا مسرورا، وكم تلطف الموسيقى ما بالعيش من مرارة، وكم تزيل من صعوبات، وتحل من معضلات في طريق الحياة الشائك. ومما هو جدير بالاعتبار أن فضائلنا يجب ألا تبلغ أقصى حد من جد يكاد يخرج إلى الجفاء، وأن تكون صفات فروسيتنا على ما تكنه من قوة وعنف، محتوية على نغمات حنان لطيفة ومودة وصفاء، حتى نجعل منها دواء ناجعا في دفع أسواء الحياة، إذ بدون المويسقى كما لا يخفى لا تلين العريكة ولا تنكسر حدة الغضب، وبها يفيض قلب الإنسان بالحب لأخيه الإنسان وكل مخلوق حي.
ومما يحسن ذكره نقلا عن الضياء (لليازجي) أن طبيبا أمريكيا يقال له ليونار كورننج قد زاول معالجة الأمراض بالنغم، وطريقته في ذلك أن يضجع العليل علي وسادة مستلقيا على ظهره ويظلله بخيمة لا منفذ فيها فيكون ما تحتها مظلما، ويجعل في رأسه كمية من جلد لين قد نيط إلى جانبيها مسمتعان يجعلهما على أذني العليل، ويتصل بهما سلكان يفضيان إلى فونوغراف، ويرسل عند أسفل الوسادة حجابا أبيض يستقل عليه صور أشباح مختلفة بواسطة الفانوس السحري، فإذا تم إضجاعه على هذا الوجه أعمل الفونوغراف، ووجه الفانوس إلى الحجاب فيسمع العليل أنغاما لطيفة وتترادف أمامه صور الأشباح والألوان البهيجة، وبتوارد هذه المؤثرات على سمعه وبصره لا يلبث أن يدب النعاس في عينيه ثم ينام نوما هنيئا يتخلله أحلام طيبة ومناظر جميلة، ويقول الطبيب المذكور أن تكرار مثل هذا على العليل مرات قليلة يؤدي إلى الشفاء.
ناپیژندل شوی مخ