مشکلات سره غریبانو: د اخلاق فلسفې په اړه یوه مطالعه
مشكلات مع الغرباء: دراسة في فلسفة الأخلاق
ژانرونه
والحب الإنساني في هذا النطاق الوجودي المتقلب حب خيالي محاك. يقول سبينوزا: «إن الذي يتخيل أن ما يحبه سيتأثر بالسرور والألم سيتأثر هو نفسه بالسرور والألم ... وإذا تصورنا أي شيء يدخل السرور على ما نحب فإننا يغمرنا الحب تجاهه ...» (98). فهو كما رأينا نوع من العدوى العاطفية ستعتبره فلسفة القرن الثامن عشر الأخلاقية مصدرا قويا للترابط الاجتماعي، إلا أنه في نظر سبينوزا يمثل نوعا منحطا من الحب مقارنة بذلك «الحب الفكري للرب» الذي يمثل عنده أفضل الخير الإنساني. في واقع الأمر، إنه يؤمن بأن الشفقة عاطفة «مخنثة» تستوجب التوبيخ، وهكذا شعوره تجاه التعاطف إلى حد كبير؛ إذ يجب علينا - كما عند كانط - أن نتصرف تبعا لحكم العقل وليس تحت تأثير دافع عاطفي عابر.
وفي نوع من التسامي الذاتي، يجد صداه بدءا من بوذا حتى الرواقيين وشوبنهاور، يعلق الفرد الحر حقا رغبته لتحقيق نوع من الرضا الصافي؛ فالفرد الحر سيرفض إلقاء اللوم على الآخرين أو على الكون جراء المصائب التي تحل بنا؛ حيث إن هذه المعايب الظاهرية - الاغتصاب والتعذيب والمذابح وما شابه - ما هي إلا ضرورات إلهية يساء فهمها باعتبارها عيوبا. إن هذا نوع من الانعكاس التهذيبي؛ إذ لو كان الآخرون في ظل العالم الحتمي لا يمكنهم منع أنفسهم من الغش أو الكذب أو تقطيعنا إلى أشلاء، فإن إدراكنا لهذه الجبرية قد يثمر عن فضائل التسامح واللين والغفران والحلم والصبر والرصانة بجانب التعافي المحمود من الحسد والبغض والسخط؛ فالفضلاء يردون البغض بالحب ولا يفكرون كثيرا بالموت. فالجبرية إذن تفضي إلى مرتبة القديسين وليس السوداوية أو اليأس. ويؤيد المنطق والموضوعية والتنزه عن الغرض الحب والرحمة لا السلطة والتحيز. إن الضرورة في العالم هي ما تجعله عالما غير مأساوي؛ إذ لو كان لا شيء صدفة فلا معنى للحزن عليه أو مقاومته، فأولئك المصرون على أننا إن لم نقاوم ما هو حتمي فلن نعرف مدى حتميته من الأساس، يمكن أن يطمئنوا إلى أنه حتمي أزلا ومن ثم يوفرون جهدهم.
يتطلب بالتأكيد التفكير بهذا الشكل أن يكون المرء قديسا أو عقلانيا بلا جسد، إلا أن سبينوزا ببساطة لا ينكر الجسد؛ فهو مثل هيجل وشيلر وماركس يؤمن بضرورة إعادة تهذيبه. ويلفت إلى أن «استغلال الأشياء والاستمتاع بها قدر الإمكان ... هما من الأمور التي يقوم بها الإنسان الحكيم» (170). فالمقصود ليس تحاشي العواطف بل الاستعانة بالعقل ليسيطر عليها، ليكشف عن محددات وجودنا الخفية كما يفعل المحلل، فسبينوزا رجل ديمقراطي وجمهوري يريد تنوير العامة، لا أن يحجب عنهم حقيقة العالم المرة على طريقة ليو ستروس الاستراتيجية. على أي حال يؤمن سبينوزا - على عكس هوبز - بأن رغباتهم لينة بدرجة تسمح بتطويعها، فالفلسفة نقد للرغبة وليست تأكيدا لها (مثل بعض الفكر ما بعد الحداثي)؛ لذا فهي ذات أجندة ناشطة سياسية وأخلاقية، يمكن إقناع العامة بالفضيلة، وبذلك وفي ضوء كونهم مخلوقات تعتمد على العادة لا التفكير يمكنهم فعل الخير تلقائيا. وفي تلك الحالة سيتطلبون انضباطا وسيطرة أقل، وهي حقيقة ستجعلهم أقل حقدا ومن ثم أكثر استعدادا للخضوع لولاة أمرهم. إن سبينوزا - شأنه شأن بيرك وشيلر - منظر مبكر لما سيسميه جرامسكي لاحقا بالهيمنة.
وبذلك فإن هدف الفرد الفاضل عند سبينوزا أن يصبح حر الإرادة، لا يسمح لنفسه بالانسياق وراء شيء عرضي غير مهم كالعاطفة. وتستبق هذه القضية فكر إيمانويل كانط، وتوجد استباقات أخرى مماثلة بكتابات هذا الفيلسوف الهولندي؛ فهو يقول إن الرجال والنساء العقلانيين لا يرغبون لأنفسهم شيئا لا يرغبونه لبقية العالم كذلك، فالتصرف تبعا للعقل يتمثل في اتباع طبيعتنا كغاية في ذاتها، والحرية هي تحقيق ذلك؛ إذ يجب علينا أن نحب أنفسنا؛ لكن في سعينا لتحقيق الأفضل لأنفسنا فإننا نخلق كذلك مقومات الجمهورية الحقيقية؛ أي مجتمع يسوده السلام والصداقة والتناغم الاجتماعي. لن يكون في هذه الجمهورية أي رقابة على التعبير أو الكتابة. ويرجع هذا من بين أشياء أخرى إلى أن هذه الحرية في نظر سبينوزا ضرورية لعمل العقل ومن ثم كشف الحقيقة. إلا أن من بين ما تعلمنا إياه الحقيقة هو أنه لا وجود للحرية، على الأقل بالصورة المتصورة على المستوى العام. مع ذلك فإن حقيقة انعدام الحرية في ذاتها تحررنا.
ورغم إخلاص سبينوزا المتشدد للنظام الرمزي فإن نظرته للعالم تعد رؤية خيالية من نوع غريب، فتصوره عن المجتمع العادل - المجتمع الذي يتجاوز العقيدة الليبرالية التي كان مناصرا كبيرا لها - هو مجتمع «يجمع كل العقول كما لو كانت عقلا واحدا، ويجمع كل الأجساد كما لو كانت جسدا واحدا ...» (153). وتتوازى هذه العلاقة التبادلية مع الاتحاد بين العقل والطبيعة، التي يعكس فيها كل منهما الآخر انعكاسا متناغما؛ ففي أعلى درجات الحكمة، تتماثل الأفكار التي تكون العقل مع تلك التي تكون عقل الرب، فهناك نوع «أعلى» من النظام الخيالي محل الجدل في هذا الجانب شبه الصوفي في فكر سبينوزا، الذي يدفع إلى تحقيق الذات النهائي للروح التي تحدث عنها هيجل. فروح العالم عند هيجل بعد شرودها في النظام الرمزي القائم على الخسارة والسلبية والاختلاف والاغتراب ترتد في النهاية إلى ذاتها في صورة سامية من النظام الخيالي. فالهدف من المعرفة كما يقول هيجل هو «تجريد العالم الموضوعي من غرابته، وأن نشعر بالألفة معه، وهو ما لا يعني سوى ربط العالم الموضوعي بالفكر - بأعماق ذاتنا.»
8
فالروح تجد صورتها السعيدة منعكسة في التاريخ والطبيعة التي صنعتهما، مثلما يرى الرب نفسه في المسيح ابنه المحبوب الذي يسر به على الدوام.
هوامش
الفصل الخامس
كانط والقانون الأخلاقي
ناپیژندل شوی مخ