مشکلات سره غریبانو: د اخلاق فلسفې په اړه یوه مطالعه

عبد الرحمن مجدي d. 1450 AH
38

مشکلات سره غریبانو: د اخلاق فلسفې په اړه یوه مطالعه

مشكلات مع الغرباء: دراسة في فلسفة الأخلاق

ژانرونه

فالطريقة التي «يعيش» بها الإنسان شعوره بالحقد والتمرد والخضوع وغير ذلك لا تتعلق بالدقة الإدراكية، فهناك فجوة عند ألتوسير بين النظرية (نطاق الحقيقة) والأيديولوجيا (نطاق التجربة)، والقلة المحظوظة المطلعة على المعرفة العلمية في المجتمع - بما أنهم لا يزالون مواطنين عاديين في الوقت ذاته - يعيشون في عالمين منقسمين ومختلفين، هما النظام الرمزي والنظام الخيالي. وبنفس الشكل يوجد عند هيوم فاصل إبستمولوجي أو «تعارض كامل» بين العقل والعاطفة؛ فالعواطف «لا يمكن أبدا أن تخضع للعقل» و«من المستحيل أن يقال إنها صحيحة أو خاطئة» (510). ولا معنى عند هيوم لوصف العواطف بالعقلانية أو اللاعقلانية، بعكس توما الأكويني أو سبينوزا؛ إذ لا معنى من أن نسأل ما إذا كان لنا أن نشعر بما نشعر به؛ فالعاطفة عند هيوم «وجودها أولي»، كما عند نيتشه. (فيفترض نيتشه في كتابه «ما وراء الخير والشر» أنه «لا شيء «مسلم» بأنه حقيقي غير عالم العواطف والدوافع الخاصة بنا ...») فالعواطف، كما يرى هيوم، لا تتجاوز العقل فحسب بل تأبى أيضا أن تتقيد بفرد واحد. ويعلق هيوم: «إن العواطف شديدة العدوى لدرجة أنها تسري بكل سهولة من شخص لآخر، وتسبب حركات متماثلة داخل الناس جميعا» (655). إذ يوجد شيء سحري في هذه العدوى العاطفية، كما لو كان شعورك بالخوف أو الغيرة سيصيب أحشائي أنا بالعدوى، ويسري كنوع من الفيروس العاطفي من جسدك إلى جسدي، والطفل الصغير يسهل عليه الخيال بنفس القدر.

إن التعاطف عند هيوم لا يقتصر على كونه المصدر الرئيسي للفضيلة، بل هو مبدأ من نوع ما يحرك بصورة مغناطيسية كيان الحيوان بكامله، وهو قوة شبه مادية أو وسط متقلب ل «نقل العواطف بسهولة من كائن مفكر إلى آخر» (412). فهو لوحة التحكم الكبرى في نفوس البشر، وهو يكمن في قلب كل عاطفة يمكن أن نشعر بها، وهو أيضا ما يجعل للحياة قيمة: «فلتجتمع كل قوى الطبيعة وعناصرها على خدمة إنسان واحد وطاعته؛ لتشرق الشمس ولتغرب بأمره، لتمج البحار وتجر الأنهار بمشيئته، ولتنبسط الأرض تلقائيا بما قد يفيده أو يسره. إن هذا الإنسان سيظل بائسا، إلى أن تعطيه إنسانا آخر ليشاركه سعادته ويستمتع بتقديره وصحبته» (412). وفي هذا الاستغراق الخيالي، يسخر العالم لنا تلقائيا، فيصبح بأعجوبة رهن أمرنا كما تتبع صورة المرآة حركات الطفل، إلا أن هذه الذات الأخرى هي التي يجب أن يتم معها هذا الاتحاد في النهاية.

يعلق هيوم: «إن عقول الناس مرايا لبعضها بعضا» (414). وفي حركة جدلية، يضيف: «يبعث السرور الذي يحصله الغني من ممتلكاته بانتقاله إلى الرائي على الشعور بسرور وتقدير، وهي مشاعر تؤدي بدورها في ظل إدراكها والتعاطف معها إلى زيادة سرور المالك، ويصير الأخير - إذ ينعكس مرة أخرى - أساسا جديدا للسرور والتقدير في نفس الرائي.» فالنظام الخيالي، بانعكاسه من مرآة على مرآة أخرى، هو مجتمع يقوم على الإعجاب المتبادل الذي يولد فيه كل انعكاس - في نوع من التغوير - انعكاسا آخر الذي يولد بدوره ثالثا وهكذا. وتمثل حلقة العواطف الدائرة هذه الزمن الدائري للنظام الخيالي بدلا من التطور الخطي للنظام الرمزي. إنه نوع من التبادلية العميقة التي نجدها في البعد الخيالي لعلاقة ووردزوورث بالطبيعة؛ حيث - وفي استجابة قد تكون لا متناهية - يتعاظم حب الشاعر للأشياء الطبيعية من حوله نتيجة الأحاسيس التي أودعها إياها في الماضي، وهذه الأحاسيس بدورها تحولت من خلال المنظور البعيد للحاضر.

يكتب هيوم: «إن الأفكار لا تقبل أبدا الاتحاد الكلي؛ لكنها تكتسب نوعا من الحصانة التي في ضوئها يقصي بعضها بعضا ... في المقابل، تسمح الانطباعات والعواطف بالاتحاد الشامل، وقد تمتزج تماما كما الألوان، لدرجة أن كلا منها قد يفقد كنهه، ولا يتعدى دورها سوى التنويع في ذلك الانطباع الموحد، الذي ينتج من المزيج الكلي» (414-415). ويضيف إن «بعض أغرب ظواهر العقل البشري» تنبع من هذه الحالة؛ ففي النظام الخيالي السابق على التفكير، لا تحظى «الأفكار» بنفس أهمية الأحاسيس الملموسة المباشرة؛ لدرجة أنه من الممكن وجود التحام مشترك للعناصر لا يعهده النظام الرمزي الذي يشمل التفكير أو اللغة، والذي يقوم على التأمل والتمييز والفصل؛ فحتى السببية عند هيوم توجد شكلا من أشكال النظام الخيالي، يغرينا فيها الخيال بإرساء تداخل أو رابطة داخلية بين السبب والنتيجة، وهي روابط يعرف العقل نفسه أنها بلا أساس. وينطبق هذا بدرجة كبيرة على الملكية الخاصة، وهي عين المركز الذي يدور في فلكه النظام الرمزي، فهنا أيضا تقنعنا العادة والخيال بإدراك وجود رابطة واجبة بين الشيء المملوك والمالك التي ليس لها - هي الأخرى - أي أساس عقلاني. لكن كما هو الحال عند سبينوزا وألتوسير، يوجد فاصل إبستمولوجي بين «العيش» في العالم وحقيقته كما تعرفها الفلسفة؛ لذا يدرك هيوم أنه من منظور العقل، فإن الكثير من افتراضاتنا المنطقية ببساطة بلا أساس. وهي حقيقة يرى أنها مقلقة بشدة؛ بالنظر إلى إيمان أقرانه بأن الفلسفة ينبغي أن تتسق مع النظم الشائعة بدلا من أن تهدمها، فالاستقصاء الأخلاقي ينبغي أن يكون مسعى ذوي العقول المتحضرة، لا العرافين كثيفي الشعر الذين يعوون في البرية.

لقد رأينا كيف أن النظام الخيالي عند لاكان لا ينتهي بانتهاء طفولتنا. ويرى هيوم أنه يستمر في حياة الراشدين بمعنى أنه «لا يوجد شيء في نظر الحواس، ولا صورة في الخيال، إلا ويصاحبه عاطفة ما أو حركة روحية ما تتناسب معه» (421). فالحال في عالم النظام الخيالي السابق على التفكير كما لو أننا ندرك الأشياء بصورة مباشرة من خلال أحاسيسنا، كما لو صار جسدنا ومشاعرنا وسيلة اتصال دقيقة، دون التدخل المتخبط للغة أو التفكير. ويزعم هيوم أنه من دون تلك العواطف والانطباعات «فكل شيء في الطبيعة محايد تماما في نظرنا» (547-548). وهو حياد يشكل، كما سنرى لاحقا، أحد جوانب النظام الرمزي، إلا أن العادة تجعلنا ننسى أن فكرنا يصطبغ بالعواطف ويسير على وقع المشاعر، مثلما يتناسى العقل عند هايدجر الحالة النفسية التي تتخلله دائما. ويتبدد أثر النظام الخيالي هذا من الصورة عندما تطفو العقلانية على السطح، فتجرد فكرنا ليصير ملكة محايدة ظاهرا. لكن هذه العواطف والأحاسيس عند هيوم تبقى مع ذلك باعتبارها تيارا فينومينولوجيا يجري من تحت كل أفكارنا العاطفية.

ليس من الصعب تصور الطفل أمام المرآة المنخدع في صورته باعتبارها شيئا ينتمي لعالم مستقل عن نفسه، غير مدرك أنه ليس إلا إسقاطا لجسده هو. ذلك، كما يرى هيوم، هو النهج الذي يتبناه أكثر الناس غير المفكرين تجاه قضية الأخلاق؛ إذ يؤمنون بأن القيم الأخلاقية جزء من محتويات العالم المادي، فهم لا يدركون أن تلك القيم في حقيقتها خيالية، بمعنى أنها من صنع الذات؛ فالخير والشر الأخلاقيان «ينتميان فقط لعمل العقل» (516)؛ فهما يرتبطان - كالطفل وصورته - بالعلاقة بين الذات والشيء، وليس (حسبما يظن الواقعيون أو العقلانيون) بالعلاقة بين الأشياء في ذاتها. ففي النظام الرمزي وحده تعتبر الأشياء كيانات محددة ترتبط معا في علاقات بينية موضوعية، في ظل إزاحة الذات المكونة «من المركز» أو إبعادها عن المشهد. ويصر هيوم على أن المصطلحات الأخلاقية لا تنطبق على «الأشياء الخارجية إذا كانت في مقابل أشياء خارجية أخرى ... فالأخلاق لا تكمن في أي علاقات تخضع للعلم» (516، 520). فالقتل من منظور هذه الرؤية الانفعالية للأخلاق ليس شرا في ذاته، بل بسبب الشعور بالإنكار الذي يثيره بداخلنا: «فهو شيء شعوري، ولا ينتمي للعقل» والقيمة الأخلاقية «تكمن في نفسك لا في الشيء» (520)؛ «فالأخلاق إذن ينبغي أن تكون إحساسا لا حكما» (522). والحس الأخلاقي عند فرانسيس هتشسون - على فطريته الغريبة - هو على الأقل استجابة للصفات الملازمة للأفعال؛ لكن هيوم يأخذ هذه النقطة إلى مرحلة أبعد؛ إذ يزعم أن «امتلاك حس الفضيلة لا يتعدى «الإحساس» بالرضا من نوع معين نتيجة تأمل شخصية ما» (523)، وهو زعم ما كان هتشسون ليتفق معه. وكما يصوغ شافتسبري المسألة: «إن لم يوجد صلاح أو فساد «حقيقي» في الأفعال الأخلاقية، فهما على الأقل موجودان في «الخيال» بصورة قوية.»

47

يقول هيوم إننا نشعر بالتعاطف الإنساني عند «تأمل شخصية ما» تستحقه؛ لكن بأي درجة من الحرفية يمكننا أن نفسر هذه العبارة؟ إذ هل يجب أن يكون الذين نتعاطف معهم حاضرين ماديا أمام أعيننا؟ إن هذا سؤال أهم مما يبدو؛ حيث إنه يطرح قضية ما إذا كان يمكن للأخلاق الخيالية أن تكون شاملة. لقد رأى فرانسيس هتشسون أن من الطبيعي أن نحب من هم أقرب إلينا بصورة أعمق من البعيدين عنا؛ لكنه كان حريصا - كما رأينا - على تشجيع التقارب مع الثقافات الغريبة عنا، بل كتب على نحو غريب عن مد جسور الخير إلى الكائنات العاقلة على الكواكب الأخرى، إن وجدوا. ويعلق بنبرة لينة كنبرة سفير بالأمم المتحدة: «لن تنفك تمنياتنا الحسنة تصل إليهم، وسنسر لسعادتهم.»

48

قد يكون هتشسون من منظور معين فيلسوفا للنظام خياليا؛ لكن لم تكن نظرته ضيقة الأفق، فعلى عكس مواطنه إدموند بيرك لم يكن رومانسيا متبنيا للمذهب الخصوصي بل تنويريا متبنيا للمذهب العمومي، اهتمامه ينصب على رفاهة البشرية كلها. لقد كان هو في واقع الأمر من ابتكر الشعار النفعي «أكبر سعادة ممكنة لأكبر عدد ممكن.»

ناپیژندل شوی مخ