مشکلات سره غریبانو: د اخلاق فلسفې په اړه یوه مطالعه
مشكلات مع الغرباء: دراسة في فلسفة الأخلاق
ژانرونه
أيا كان ما يعتقده دريدا، فما هو أخلاقي ليس على خلاف بطبيعته مع ما هو شائع، أو محدد، أو تقليدي، أو متوافق عليه. فكلمة «عقيدة» تعني ببساطة «ما يدرس»، دون أي إشارة بالضرورة للدوجماتية؛ فالعمل الذي يسجل فيه دريدا هذه الملاحظة المميزة هو عمل عقائدي، ولا ينقص ذلك منه شيء. ولا يمكنك الهروب من الفرضيات المحددة عن طريق استخدام الآلية الأسلوبية المستهلكة المفضلة لدى دريدا؛ الاستفهام البلاغي (ماذا يعني الضحك؟ هل يمكن أن يكون هناك نوع من الضحك الصافي المتحرر عن القانون، والواجب، والمسئولية، والالتزام؟ بل هل حتى هذا السؤال واضح؟ وماذا عن التساؤل الأول؟)
14
وهي آلية تشير لوجهة نظر مميزة بينما تولد إحساسا بالانفتاح المتحمس.
إلا أن العقيدة تنتمي إلى النظام الرمزي، وهذا هو السبب في خجل دريدا منها؛ فالأخلاق عدو لما هو محدد من الناحية المفاهيمية. وتتضمن المسئولية «قرارات مطلقة تتخذ بعيدا عن المعرفة وعن الأعراف المقررة؛ ومن ثم فهي تتخذ في ظل محنة العجز عن اتخاذ القرار.»
15
ليس من الواضح ما إذا كان اتخاذ قرار بإجراء عملية إجهاض ينبغي أن يتم دون معرفة مدى تقدم الحمل؛ لكن من الواضح أن دريدا لا يتحدث عن مثل هذه الأمور الدنيوية الفظة، بل هو يتبنى نظرة غريبة تقول إنه حيث لا يمكن للقرارات أن تختزل في أعراف أو معايير فهي شكل من أشكال «الجنون».
أما من الناحية اللاهوتية، فيعد دريدا شخصا إيمانيا يتمتع بارتياب بروتستانتي في العقلانية؛ فهو يرى على طريقة كيركجارد أن قفزة الإيمان المتضمنة في القرارات الأخلاقية مستقلة عن السبب. لكن القرارات قد تعتمد على أسباب دون أن تختزل فيها. ويشير دريدا إلى أن الخيارات الأخلاقية لا يمكن «ضمانها» من خلال قاعدة ما؛ ولكن هذا لا يعني أنه لا يمكنها الاسترشاد بواحدة منها. فإن كان يشعر بالحاجة إلى فصل هذه القرارات عن السبب، فذلك لأنه يريد أن ينقذها من خزي كونها ليست إلا استنتاجات من مبادئ مسبقة. ولكن هذا يشبه إنقاذ سباح لا يغرق فعليا؛ إذ يمكن للقرارات أن تكون عقلانية دون أن تستمد من المبادئ، مثلما يمكن للكلام أن يكون سليما من الناحية النحوية دون أن يمكن التنبؤ به آليا. لا يبدو أن دريدا يدرك بأن تحديد أسباب لالتزامات الفرد - أسباب لحبه مثلا لسائقه - لا يعني اختزال تلك الالتزامات في هذه الأسباب؛ فقد يشعر شخص ما بالوجاهة الكاملة لأسبابي لكن لا يشعر بالحب تجاه سائقي، فالالتزامات يجب أن تكون بالطبع عقلانية؛ لكن الإصرار على هذا الشرط لا يحل إشكالية لماذا نفي بها؛ حيث إن الحالات غير المتوافقة قد تكون على نفس القدر من العقلانية. إن اهتمامنا بعقلانيتها هو المهم؛ لكن هذا لا يستوي مع اتخاذ قرار من لا شيء.
إذا كان للمرء حقا أن يختار طريقا على نحو مستقل عن كل الأعراف أو المعايير، فمن الصعب أن تعرف من أي وجهة يمكن أن يسمى ذلك قرارا؛ إذ سيكون أشبه بوصف قرقرة البطن بأنه أمر ملكي. إن ما لا يدركه ما يسمى بالقرارية هو أنني لا يمكنني أن أسمي ما أقوم به خيارا إذا لم تكن هناك معايير يمكن من خلالها الاختيار. فالأخلاق، حسبما يزعم دريدا، هي مسألة قرارات مطلقة ضرورية و«مستحيلة» معا، وهو نوع من المصير العنيد الذي - كما عند أوديب - نلام مع ذلك عليه تماما. ولا يسع المرء إلا أن يتنفس الصعداء لأنه لم يعد مؤهلا للانضمام لهيئة المحلفين عندما تنظر قضيته.
تقوم النظرية الأخلاقية لدريدا - شأنها شأن تلك الخاصة بليفيناس - على نحو كبير على الشعور بالذنب، وهو ما قد يعتبر الوجه المقابل للمسئولية. إن مسئوليتي تجاه الآخر يجب أن تكون مطلقة؛ لكن إن كنت مسئولا تجاه الجميع، فكيف لذلك أن يكون؟ إن تبديد فرديتي بالمفهوم الجمعي أو العام يعني التصرف بطريقة غير مسئولة؛ ولكن من دون هذه المفاهيم العامة، كيف يمكنني التصرف بمسئولية تجاه الجميع؟ إن المسئولية كلها مطلقة، وفريدة، واستثنائية، وغير عادية؛ إلا أن أي تجل محدد لها سيمثل حتما خيانة لمسئوليتي تجاه الآخرين. إن هذه - كما سنرى بعد قليل - معضلة زائفة على نحو فاضح، كما أن المسئولية الفعلية يجب أن تتضمن الحساب المنطقي، وهو أحد الجوانب المتعددة في النظام الرمزي التي يراها دريدا مقيتة وحتمية. إن كلمة «الاقتصاد» عنده هي بعبع آخر؛ حيث تشير إلى التبادل المنظم على نحو بائس للسلع أو الواجبات أو الخدمات، وهو تبادل بعيد كل البعد عن جنون العطاء غير المحدود، والمشروع الخطير لالتزام يتجاوز الحدود، والخوف والرجفة من التعرض المطلق للآخر الكبير. ولكي يكون هذا التعرض صادقا، يجب أن يكون من النوع الذي «لا يقدم تفسيرا أو تبريرا إلى شخص ولا إلى الناس ولا إلى المجتمع ولا إلى رفقاء الفرد ولا إلى شخصه هو».
16
ناپیژندل شوی مخ