مشکلات سره غریبانو: د اخلاق فلسفې په اړه یوه مطالعه
مشكلات مع الغرباء: دراسة في فلسفة الأخلاق
ژانرونه
يذكرنا هذا بتفريق ريلكه بين «الموتة الصغرى» بمعنى الموت بصفته حدثا بيولوجيا بحتا، و«الموتة الخاصة»؛ أي الموتة الإرادية المكتسبة صفة الشرعية التي تخرج الفرد من الحياة بمنطق أخلاقي معين. يكتب لاكان عن أنتيجون أنها تبلغ منتهى الرغبة الخالصة للموت، وهذا كذلك هو الحال مع كلاريسا الملعونة والطاهرة.
تموت كلاريسا لأن قيمة الوجود البيولوجي عندها أقل من قيمة ذلك الشيء في داخلها الذي يتعدى حدودها، والذي تطلق عليه الرواية اسم الشرف أو العفة، فالنظام الواقعي الذي ترفض التخلي عنه - جوهر وجودها الذي لا يمكن إنكاره - يسميه صانعها البروتستانتي المتدين باسم الرب. إن روحانية البطلة لا تنبع من رفض الرغبة بل من الإخلاص لها، فقد أدركت أنه لا شيء في ثقافة الاستغلال هذه يستحق أن تشتهيه، وهذا هو السبب في تخليها عن جميع الأشياء. إن هذا النموذج الورع بشدة، الثوري - الذي ينتصر كبطلة من أبطال ويليام جيمس من خلال الامتناع الواعي عن الفعل - هو ما يصفه النقاد بأنه بليد، مفرط الاحتشام، كئيب، عنيد، نرجسي، مازوخي، مدعي الورع، مفتقر للمرونة. إلا أن ما لا يلتفتون إليه هو أن بعضا من هذه الصفات محمودة عند امرأة ضعيفة في مجتمع إنجلترا الأبوي. •••
ما انفك نقد ويليام ووردزوورث خلال معظم القرنين الماضيين ينظر لعمله بعين خيالية. إن الاتحاد التعايشي المحكم بين الطبيعة الكريمة والإنسانية الخيرة هو ما لفت انتباه النقاد في عمله، وهو ما يمكن أن نعتبره قراءة ملائكية له. ولم تتراجع هذه النظرة المتفائلة للعالم مفسحة المجال لقراءة أكثر تشككا وشيطانية إلا مع ظهور كتاب جيفري هارتمان ذي العنوان المباشر «شعر ووردزوورث 1787-1814» عام 1964، والذي ربما يعد أفضل دراسة أحادية الموضوع عن هذا الشاعر. إن الخيال في أعمال ووردزوورث (وهو الملكة الإنسانية التي تحظي بالتبجيل الشديد للنقد الأدبي التقليدي) ينفضح في دراسة هارتمان في شكل قوة قاتلة هوسية مدمرة. إنه باختصار انبثاق للنظام الواقعي وليس مبدأ توحيديا للنظام الخيالي.
ثمة نمط متكرر في شعر ووردزوورث - يحدده هارتمان بوضوح رائع - يحمل كل علامات المواجهة الصادمة مع النظام الواقعي، ففي لحظة من التفكك المدمر، لحظة تذكرنا فورا بالموت والحساب، تشهد النفس لحظة تجمد أو ارتباك عجيبة، يتفتت فيها فضاء الوجود اليومي فجأة وتشوش فيها الحواس وتنفتح أبواب هوة الخيال من تحت قدمي الفرد. فالخيال قوة تولد نفسها «بلا أب»، تشبه في إفراطها (كما يعلق ووردزوورث) فيضان النيل، ونتيجتها تتمثل في انتزاع النفس في عنف من الطبيعة - موطنها المألوف والوجود المستقر - وغمسها في المقابل في إحساس حاد بالضياع والوحدة. وفي هذه «التجربة النهائية» كما يصفها هارتمان، تشعر الروح بأنها غريبة عن العالم، منفصلة عن الوجود اليومي الذي يبدو غير حقيقي وبالغ العبثية. لكن الوجه المقابل من هذا الإحساس بالتفكك الذاتي - كما عند اختبار ما هو سام - هو نجاح إثبات الذات؛ حيث إن الإنسان، إذ هو مغترب عن كل ما كان يعتمد عليه في السابق، يسعد بقوته الداخلية، ويشعر بوعيه وقد ارتفع إلى مستوى مرتبط بنهاية العالم، ويرى نفسه وقد انفصل إلى الأبد عن كل الظروف المجردة. بوجه خاص، هو يشهد نفسه وقد انفصل إلى الأبد عن الرفقة البشرية، فالخيال في شعر ووردزوورث ليس في جوهره قوة تواصلية بل قوة عازلة. فهو كما يرى هارتمان مرتبط بنهاية العالم بالأساس، وينتهك قطعا عالم الأشياء والعلاقات؛ إذ يقترن بالقتل والدمار والتضحية واللاإنسانية ونوع من «الجرح التدميري»، وليس (كما قد يفضل الشاعر نفسه أن يراه) بالربط السعيد للنفس بالآخرين وبالأشياء المحيطة، فشعر ووردزوورث يعج بالشخصيات الصارمة الجامدة المنعزلة، وكلها لديها قوة عجيبة على تمزيق الوعي اليومي وتحويله. فعندما يرى الشاعر متسولا أعمى في لندن في عمله «المقدمة»، فإنه «يستدير بعقله، كما لو بقوة المياه» لرؤية هذا الطلسم العجيب.
إن ما لمح في هذا الومضات الكشفية المخيفة والملهمة هو قوة خيال لا ترضى بأي شيء في الطبيعة حتى وإن كان ساميا، وهذا ربما هو نظير الرغبة في علم النفس التحليلي عند ووردزوورث. فكما يكتب الشاعر في الجزء السادس من عمله «المقدمة»:
مصيرنا، جوهر وجودنا وموطنه
في اللاتناهي، وهناك فقط؛
فمعه يوجد الأمل، الأمل الذي لا يمكن أن يموت أبدا،
والجهد، والتوقع، والرغبة،
وكل ما يمكن أن يوجد.
ناپیژندل شوی مخ