قال جيمي: «معذرة، لكن لكي لا نتأخر على سيد النحل؛ لا بد أن نغسل وجهك ونمضي.»
وفي الحال وقف الكشافة الصغير منتصب القامة. «نغسله! نغسله! ألا تستطيع أن ترى من نظرة واحدة لي أنني قد تحممت بماء ساخن وفركت وتمشطت تمشيطا عنيفا؟»
قال جيمي: «يبدو عليك فعلا أنك قد تحممت جيدا.» وتابع: «إنها منطقة عينيك فقط التي بحاجة إلى اهتمام بسيط.»
فقال الكشافة الصغير: «أوه، حسنا، ما دمت تقول إنني بحاجة إلى ذلك فأظن أنني بحاجة إليه. لقد واجهت مشكلة طالت كثيرا جدا مع أمي والأميرة حتى إنني ظننت أنني لن أخرج أبدا. تتعبني النساء أشد التعب!» «ماذا حدث مع السيدات؟» سأله بينما يتقدمه إلى الحمام، ثم بلل قطعة قماش، وبدأ العمل ليتأكد من إجرائه على نحو صحيح. وقد فوجئ بأن الصغير وقف ساكنا ورفع إليه وجهه راضخا، وبينما راح جيمي يعمل، واصل الطفل الكلام فقال: «أوه، أمي دائمة التذمر بشأن تنظيف أظفاري وإخراج الشمع من أذني، والشعر الهائش في رموشي وأظافر قدمي المغروسة في اللحم! إنك لترهق نفسك إذا حاولت أن تعطي أي اهتمام لكل الأشياء التي تريدها النساء. أما بخصوص الأميرة، فإنني سأتنازل عن أفضل مطواة جيب لدي إذا وافق أبي على رفتها.»
قال جيمي: «يرفت أميرة؟» وتابع: «إنك تقترح إجراء غير لائق. من المفترض أن تعامل الأميرات بقدر كبير جدا من الاحترام.»
هز الصغير كتفيه النحيفتين وأصدر صوتا من أنفه. «حسنا، هذه الأميرة التي تعمل في مطبخنا منحدرة من مكان ضئيل الأهمية في أوروبا، وهي معتادة على أن تخدم هي نفسها، ومن ثم فإنها تعرف تمام المعرفة كيف تخدم الآخرين. لكننا جميعا نضطر إلى أن نتصرف بقدر كبير جدا من المواربة. ومن المعتاد جدا أن تنادينا هي بأسمائنا وتقول أي شيء بأسلوب سافر. وعليك أن تراوغ كأنك كشافة هندي لتنقل لها أنك تريد كمية أخرى قليلة من الزبد على خبزك المحمص، أو أن مربى الفراولة ليست طيبة. ما الجدوى من كل هذا العناء؟ أما عن الملابس، فكلاهما تثير حنقي! كان ذلك سبب هذه المشاجرة! لقد أردت أن أرتدي ملابسي، بحيث أستطيع عند عودتي أن ألتقي برفاقي لننزل إلى الشاطئ لتمثيل معركة. بينما أصرت أمي أنه لا يمكن الذهاب معك ولا يمكن الذهاب إلى المستشفى من دون التأنق مثل ...» أمسك الكشافة الصغير عن الكلام ودب إصبع قدم غاضبا في البساط المسجى أمام الحوض، ثم ختم حديثه «حتى أبدو مثل مخنث فلا يتعرف سيد النحل علي! ولأقص عليك الأمر بإيجاز مثل الإعلانات المبوبة، لقد اضطررت إلى ارتداء الملابس التي أرادتاها واضطررت في الوقت نفسه إلى الخروج خلسة بالأشياء التي أردت ارتداءها وإخفاءها في سياج من الأشجار على بعد بيت أو بيتين في الشارع، وكان علي بعد ذلك الاختباء عند السياج وإحضار الملابس والعثور على مكان أستطيع تبديل ملابسي فيه، ولست متأكدا بالمرة إن كنت سأجد أشيائي حيث تركتها عندما أعود. هكذا أضطر دائما إلى إهدار الكثير من الوقت والانزعاج بكثرة!»
قال جيمي بتأن: «فهمتك، لكن ألم ترد أن ترتدي أفضل ملابسك وأنت في زيارة لسيد كريم جدا، وأنت تحبه حسبما أخبرتني عن محبتك لسيد النحل؟»
شد الكشافة الصغير قامته وتنهد تنهيدة عميقة. وأتى الحركة التي صارت جزءا لا يتجزأ من شخصية قائد الكشافة. «أما محبة سيد النحل؛ فإنها ليست من الأشياء التي أود الحديث عنها. فهي من المشاعر التي يجدر بالمرء التكتم عليها، حيث إنها لا تخص أي أحد. لو كان في الأمر أي منفعة لسيد النحل، لكنت تحملت أي مشقة للقيام به؛ لكن ما دام محض هراء، فما الجدوى منه؟ إن سيد النحل يحبني وإلا ما كان سيطلب رؤيتي، وهو لم يرني قط متأنقا كما أنا الآن!»
تلوى قائد الكشافة، ومد ساقا غطاها جورب وحذاء من جلد لامع. «فلتنظر إليها! ألا تثير اشمئزازك؟ ما فائدة السيقان إذا كنت لا تستطيع أن تستخدمها وحدها؟ من الذي اخترع الجوارب من الأساس؟ إنها أشياء شائكة وتسبب حكة، وفي بلد لن تحتاج إليها فيه! لتعلم أنني كنت سأخلع جواربي أيضا، لكنني أدركت أنني تأخرت. هيا بنا، لنذهب!»
علق جيمي قطعة القماش، واستخدم المنشفة، وشرع يستخدم المشط. فتراجع قائد الكشافة بيدين ممدودتين.
ناپیژندل شوی مخ