في تلك اللحظة دار سيف خشبي شديد البلى في الهواء. «انتباه! ليصطف الكشافة!»
اصطف الصبية وأدوا التحية بأسلوب جميل. «استعدوا!» جاء أمر القائد. «أخبروا العالم باسم قائد فريق الكشافة الخاص بكم!»
شد الفتيان قاماتهم وثبتوا متأهبين. كانت عينا كل منهم مسلطتين على حد السيف. «هيا معا!» قال قائد الكشافة. ودار السيف في الهواء، وبدأ الفتيان، في انسجام وبأعلى صوت، يرددون مع فصل كل حرف على حدة كأنهم يرشقونه في وجه جيمي: «ألف لام، ميم، زاي، عين، جيم؛ المزعج!»
أدوا التحية، وتراجعوا مرة أخرى، وتقدم قائد الكشافة أمام جيمي، فأغمد السيف وأخفض يده اليمنى مستقيمة على خياطة سرواله، ووضع اليسرى على صدره، ومال للأمام منحنيا بشدة. أدرك جيمي ما أدركه بالضبط في البداية، أو أكثر قليلا، إذ رأى أن فتيان الكشافة كانوا مطيعين بحق ومدربين جيدا فعلا.
هنا توجه قائد الكشافة إلى جيمي بالكلام فقال: «يسمح لنا سيد النحل بلعب لعبة مقاتلة الهنود هنا.»
فقال جيمي: «حسنا. أوافق على أي شيء كان يسمح به.»
تحول قائد الكشافة إلى الفتيان. «تفرقوا!» جاء الأمر صارخا. «استعدوا للهجوم!»
تأمل جيمي قائد الكشافة. لم يدر متى مشط شعره القصير. الذي علقت به مجموعة كبيرة من شوفان كاليفورنيا البري والقليل من الأغصان الصغيرة والأوراق. أما وجهه الصغير فربما كان نظيفا في وقت ما ذلك الصباح. لكنه ليس نظيفا الآن بالتأكيد. ورآه مرتديا قميصا مختلفا، لكنه بالحالة المزرية نفسها، والسروال القصير والحذاء نفسهما اللذين كان يرتديهما في الزيارة الأولى. سار قائد الكشافة إلى نهاية الممشى، متجها مباشرة نحو فتحة في سياج الأوتاد الخشبية المطلي بالكلس، الفاصل بين أرض سيد النحل وأرض مارجريت كاميرون. شاهد جيمي قائد الكشافة وهو يدس يده اليمنى في جيبه المنتفخ، وينتقي، من الأشياء الكثيرة التي احتواها، قطعة من الطبشور الأحمر. في هذه الأثناء اتخذ جيمي مجلسه على المقعد أسفل الجاكرندا وركز انتباهه على قائد الكشافة. كان قد نسي فتيان الكشافة. بل إنه نسي حتى أن يتساءل لماذا اختفوا وأين ذهبوا. بلمسات بارعة، سريعة وواثقة، جعل قائد الكشافة يرسم على السياج المطلي بالأبيض، بمهارة كافية لمعرفة نيته، أشكال أربعة هنود. رسم الأول مائلا إلى الأمام محدقا فيما يواجهه. وكان الثاني أكثر انتصابا. أما الثالث فكان وجهه للأمام، والرابع يتبعه.
وحين يبلغ قائد الكشافة العوارض التي ثبتت الأوتاد فيها بمسامير، يكتفي برفع الطبشور، ويرسم خطا على الحافة، ثم ينزل مرة أخرى إلى الأوتاد. ما إن اكتمل رسم الأشكال الأربعة بحيث صارت مميزة، عاد قائد الكشافة إلى جيمي وأخرج من جيب قميصه صافرة شرطي حقيقية، عقد حول حلقتها سلسلة جلدية أحاطت برقبته. رفع الكشافة الصغير الصافرة وأطلق صافرة حادة، فجاء فتية الكشافة يتقافزون بين الشجيرات وفوق الزهور من جهات مختلفة. وقد تسلح كل منهم بقوس مبهرج، وجعبة من الجلد على ظهره مليئة بأسهم غير متقنة الصنع. أغلبها شظايا خشب غير مصقولة.
أدى قائد الكشافة التحية. «فتى الكشافة رقم واحد، إلي بأسلحتي!»
ناپیژندل شوی مخ