فقال لها جيمي: «هذا قولك أنت. أما ما قلته أنا فهو الاقتراح بالبقاء هنا ورعاية الأرض، ورش الزرع، ورعاية النحل.»
فقالت الفتاة: «لست مغفلة حتى لا أدرك سبب رفضك للرحيل.»
فأجابها جيمي: «هذه استنتاجاتك الخاصة.» وأضاف: «هذا الجانب من الحديقة بحاجة إلى الري اليوم. وسوف أرويه.» قال قوله ثم واصل عمله في هدوء.
وقفت الفتاة ساكنة لبرهة ثم قالت: «أريد مفاتيح الصندوق الذي كان أبي يحتفظ فيه دائما بأوراقه. فلا شك أن فيه أشياء ستساعدني في إثبات حقوقي.»
فقال لها جيمي: «أخبري قاضي الوصايا بذلك. إن أراد فتح الصندوق وتسليم الأوراق التي بداخله لك، فسيرسل موظفا للاطلاع معك عليها وتسجيلها ووضعها بين الأدلة قبل أن يتلاعب بها أحد.»
تصادف أن جيمي كان يتطلع إلى وجه الفتاة؛ بعينين مواربتين لكن يقظتين، وهو يدلي بقوله ذلك. فرأى أنفاسها وقد احتبست، ورأى وجهها وقد بهت، ورآها وقد سكتت تماما واستغرقت في التفكير، وقال له الصوت بداخله الذي يتحدث إليه أحيانا: «لا يروق لها ذلك. فهي لا تريد أن يكون أي شخص موجودا عند فتح الصندوق. لا تريد كتابة محضر بتلك الأوراق. لا تروقها فكرة أن يطلب من قاضي الوصايا إرسال رجل ليطلع عليها معها.»
وفي الحال أطال جيمي الخرطوم وجعل يعمل صاعدا المنحدر حتى صار في مواجهة النافذة التي لها أفضل إطلالة من غرفة المعيشة.
ومضى الوقت على هذا المنوال. حيث أقام في منزل مارجريت وظل يراقب الفتاة على مدى يومين وليلة، وكان متعبا بشدة حين مرت الفتاة بمنزل مارجريت كاميرون فشاهدها وهي تستقل الترام متجهة إلى المدينة. ثم مضى إلى المنزل. فلم يفهم كيف استطاعت واجهته أن تظل محتفظة بالتعبير نفسه الذي طالما بدا عليها. كان سيعزيه لو أنها بدت مشمئزة ومتكدرة بشدة، لكنها لم تبد كذلك. وإنما ظل المنزل يطل على الطريق وجانب الجبل مبتسما تماما ابتسامة الترحيب الهادئة الرائقة نفسها التي طالما طالعه بها. حاول فتح الأبواب، لكنها كانت جميعا موصدة. ونظر من النافذة، لكنه لم يستطع أن يرى أي شيء سوى صندوق الأمتعة واقفا في منتصف حجرة المعيشة وملابس الفتاة وقد بسط أغلبها على ما يبدو على مقعد سيد النحل. رأى أن هذا الوقت سيصبح مناسبا للعمل في حديقة مارجريت كاميرون، فذهب إليها وفتح خرطوم المياه. وكان منهمكا حين سمع خلفه خطوات خفيفة لحذاء شاطئ فالتفت ليجد الكشافة الصغير في وجهه. «مرحبا! كيف الأحوال؟» «بل كيف الأحوال لديك؟» بادره جيمي متفاديا الإجابة.
أجابه الكشافة الصغير: «بخير!» ثم واصل كلامه فقال: «ما زلت أتولى كل تلك الأشياء التي أخبرتك بأنني سأفعلها لطفلنا. سوف يصبح طفلا لطيفا للغاية. إن أمي مهووسة به. إنها تحتضنه وترعاه تماما كما كانت تفعل مع جيمي، إلا أنها لا تستهويها زجاجات الرضاعة. فهي تقول إن تثبيت الزجاجة أمر مزعج، وتقول إنه مؤسف جدا أن يكتب على أي طفل أن يفقد أمه؛ لأنها تقول إن الطفل، وهو في مثل تلك السن الصغيرة، يحصل على أشياء أخرى من أمه بخلاف اللبن. فهي تقول إنه يحصل على فيض متواصل من الحب. تقول إن الرضيع الذي ينام على صدر أمه وينظر في عينيها ويضع يده الصغيرة على عنقها، يحصل مع الغذاء على شيء يبقى معه طوال حياته. وتقول إنه ليس من الطبيعي ولا الصحيح أن تضع الرضيع وحده تماما على وسادة مثبتا زجاجة رضاعة قديمة في فمه. لكن ليس هذا حال جيمي؛ لأنني أحملها من أجله، ولحسن الحظ أنه جاء أثناء الإجازة المدرسية، فلن تصدق كل الأشياء التي أفعلها حين لا يراني أحد. فإنني أحمل الزجاجة وأحيط جيمي بذراعي فربما أستطيع بذلك أن أشعره نوعا ما بأنه حصل مع الحليب على فيض الحب نفسه الذي حصل عليه جيمي شقيقي. لكن الحقيقة أن جيمي صغيرنا رائع للغاية. يا إلهي! ها أنا قد استخدمت كلمة نانيت! إنه النعت الوحيد الذي تعرفه نانيت. فحذاؤها رائع، وفستانها رائع، وقصة شعرها رائعة، والحفل رائع، والصورة رائعة، وقد سمعتها كثيرا جدا حتى إنني أتمنى ألا أصبح أنا الآخر رائعا أيضا!»
ضحك جيمي.
ناپیژندل شوی مخ