تريث الكشافة الصغير. «أوه، حسنا، بالطبع، ما دام لدينا المحيط عند بابنا الخلفي، فقد نحتاج إلى قارب بالطبع. أخبرني سيد النحل ذات مرة لماذا وضع السياج حيث وضعه، وهو يملك كل الأرض الممتدة حتى المحيط. أراد رجل أن يشتري أرضه التي على الشاطئ ويضع كشكا للسجق هناك لكنه قرر ألا يسمح له بذلك لأننا نستطيع الحصول على السجق من عند الناصية. وقال سيد النحل إن أحد أعظم الرجال الذين عاشوا في إنجلترا مطلقا، أحد أكبر مفاخر ذلك البلد القديم الطيب كان رجلا يدعى ويليام بلاكستون. وقد جعلني أكرر مرارا بشأن موضوع كشك السجق ما قاله ويليام بلاكستون. وسوف أخبرك به الآن.»
وتقدم الكشافة الصغير أمام جيمي، وضم قدميه الصغيرتين، وأبرز كتفيه النحيلتين، ورفع ذقنه، واستطاع أن يأتي مظهرا نبيلا مدهشا. لم يفهم جيمي كيف يمكن لذلك الوجه الملطخ بالدموع، وذلك الشعر الأشقر المليء بالرمال، والحاجبين والأذنين اللذين غطتهما الرمال أن تكتسي بمظهر الوقار والرزانة الذي لاح على وجه الصغير وهو يلقي هذه الجملة: «لا يحق لك حجب الضوء العتيق عن جارك!»
وإذ فجأة، بالتغيير المباغت نفسه المألوف في الكشافة الصغير، تراخى جسده كله، وعاد إلى المقعد، وجلس بجانب جيمي ومال إليه.
قال الكشافة الصغير: «المقصود بذلك «الضوء العتيق» أشعة الشمس وضوء القمر والهواء النقي الآتي رأسا من الصين. اعتاد سيد النحل النزول والاستلقاء على الرمال لمدة تصل لساعة حيث يترك المحيط يخبره بأشياء تواسيه. وقد قال إنه لو باع تلك الأرض سيكون الرجل المجاور له هو المالك، وسيكون هو الجار، وهو لم يرد أن يفسد كشك سجق «ضوءه العتيق»، ولم يرد أن يصبح إرثه من الهواء النقي المشبع بالملح الذي يحمله إليه البحر مباشرة مضببا تماما بدخان السجق. ولا يهم البتة إن كان يجعل لعابنا يسيل، فباستطاعتنا الحصول عليه من عند الناصية.»
ثم وضع الكشافة الصغير ذراعيه بإحكام حول رقبة جيمي وأحاط بها حتى كاد يخنقه، ثم حصل مربي النحل على قبلته الحارة الصغيرة الثانية قوية على خده.
وقال الكشافة الصغير: «أشكرك أنك حللت محله لدي، وإنني سعيد أنك قد حصلت على زنابق مادونا وأرض المعركة، وسعيد أنك حصلت على الفدان الشرقي ونصف قفائر النحل. سوف آخذ النحل الألماني الأسود إن كنت لا تريده. وإنني سعيد، حتى إن كان سيد النحل قد اضطر إلى الرحيل، أسعد مما يمكنني الوصف أنك سوف تبقى وترعى النحل!»
الفصل الرابع عشر
معجزة بشرية
لم تتطلب تسوية تركة سيد النحل إلا القليل من الوقت. إذ كان جل ما يملكه فدانين من سفح الجبل والشاطئ والأموال التي أودعها في بنك سيتيزنز. ولأنه كان على دراية تامة بأمنيات سيد النحل؛ فقد وافق الدكتور جرايسون على أن يصبح هو منفذ الوصية. وقد تقرر من الذي سيحوز المنزل وفقا للطريقة المنصوص عليها، فكان من نصيب جيمي. واتفق على تقييم المنزل، ووضع قيمته جانبا لتدر فائدة بنكية للكشافة الصغير حتى يحين الوقت ويرغب في إنشاء منزل آخر على الفدان الغربي. واتفق على بقاء المنزل مكانه حتى يرغب جيمي في نقله. واقتطع مبلغ كاف لسداد تقدير المقاول لهذه التكلفة ووضع جانبا في رصيد جيمي. وكان الكشافة الصغير ليحصل على أثاث المكتبة وغرفة المعيشة بالكامل عند الطلب. وقسمت الأموال المتبقية في البنك بالتساوي، فوضع نصيب جيمي جانبا في رصيده، ووضع الجزء الخاص بالكشافة الصغير ليدر فائدة بنكية حتى بلوغه السن القانونية. وتقرر تقسيم عائدات العسل والحديقة بالتساوي بعد خصم أجور أي عمال يستعان بهم، مع وضع نصيب الطفل في البنك. كان سيد النحل يجني المكافأة التي وهبها الخالق العظيم لرجل ظل على إيمانه، وقد جعل من نفسه إنسانا دارسا ونبيلا من عطاياه الدنيوية.
بعد توزيع التركة لاحظ جيمي وأسرة الكشافة الصغير أن الأملاك قد أتت بمشكلات ومسئوليات للصغير. فقد أصبح ينزع لتناول عدد أقل من السجق وادخار المزيد من النقود، وسريعا ما تبين أن أول تغيير خطط له الكشافة الصغير في الفدان الغربي هو زراعة حوض كبير من زنابق مادونا، التي تعتبر أسعار جذورها باهظة مقارنة بالسجق. إذ إن زراعة حوض يمكن الحصول منه على مبلغ كاف صاف من المال يتطلب الكثير من التضحيات. وكذلك لاحظ جيمي مرارا الطفل وهو يتفحص الأرض، بحثا على ما يبدو عن منطقة مستوية متصلة بالطريق ولا تشوه المكان، وقد عرف هدفه من ذلك. حيث يخطط لبناء إصطبل للحصان الذي كان رغبة سرية في قلب الصغير.
ناپیژندل شوی مخ