Murabaha Sale to the Purchase Orderer

Husam al-Din Affaneh d. Unknown

Murabaha Sale to the Purchase Orderer

بيع المرابحة للآمر بالشراء

خپرندوی

طُبع على نفقة شركة بيت المال الفلسطيني العربي

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٩٩٦ م

ژانرونه

بيع المرابحة للآمر بالشراء هذا الكتاب دراسة تطبيقية لبيع المرابحة للآمر بالشراء المتعارف عليه في البنوك الإسلامية على ضوء تجربة شركة بيت المال الفلسطيني العربي وهي أول شركة في فلسطين تتعامل وفق أحكام الشريعة الإسلامية وقد درس المؤلف أقوال العلماء المعاصرين في بيع المرابحة وأدلتهم وأجاب على شبهات المانعين له ووضح أسس تطبيقه في شركة بيت المال الفلسطيني العربي.

ناپیژندل شوی مخ

سورة البقرة ﴿مدنية﴾ الآيات ﴿٢٧٥ - ٢٧٩﴾ بسم الله الرحمن الرحيم وأحَلَّ الله البَيعَ وَحَرَّمَ الرّبا فَمَن جَآءَهُ مَوِعظَةُ مِن رَّبِهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلى الله وَمَن عَادَ فأُوْلَئكَ أَصحَابُ النَّارِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ * يَمحَقُ اللهُ الرِبا وَيُربي الصَّدقات والله لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثَيمٍ * إنَّ الَّذينَ أمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَأَتَوُاْ الزَّكاةَ لَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِهِم وَلاَ خَوفُ عَلَيِهم وَلاَ هُم يَحزَنُونَ * يَأَيُّها الذين أَمَنُواْ اتَّقُواْ الله وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِبا إن كُنتُم مُّؤمِنِينَ* فَإن لَّم تَفعَلُواْ فَأَذَنُواْ بِحَرِبٍ مِنَ الله وَرَسُولهِ وَإِن تُبتُم فَلَكُم رُؤوسُ أَموالِكُم لاَ تَظلِمُونَ وَلاَ تُظلَمُونَ * صدق الله العظيم

1 / 4

تقديم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد. يعتبر تأسس شركة بيت المال الفلسطيني العربي عملًا رائدًا قام به مجموعة من رجال الاعمال لدعم عجلة الاقتصاد الفلسطيني وذلك للإستثمار وفق أحكام الشريعة الإسلامية السمحة من أجل النهوض بالاقتصاد مع المحافظة على الأسس الاجتماعية والدينية وبشكل خاص الابتعاد عن الربا. إن الهدف الرئيس لشركة بيت المال الفلسطيني العربي هو الاستثمار بطريق الحلال وفق الأسس والمبادىء التي أقرتها الشريعة الإسلامية ولترسيخ التصور الاقتصادي الإسلامي وللتخلص من الربا الذي يعتبر السمة الغالبة على النظام الاقتصادي العالمي. ونحن في شركة بيت المال الفلسطيني العربي قررنا أن نكون المبادرين في التخلص من الربا والتعامل بالعقود الصحيحة وفق الشروط والضوابط التي وضعها الفقهاء والعلماء. ومن هذه العقود ﴿بيع المرابحة للآمر بالشراء﴾ الذي أقرته مجامع علمية متخصصة وأصبح من أهم وسائل الاستثمار في المصارف والشركات الإسلامية. ومن أجل توضيح هذا العقد بصورة جلية ولدفع الشبهات التي أثيرت عليه قام د. حسام الدين عفانة رئيس هيئة الرقابة الشرعية لشركة بيت المال الفلسطيني العربي بإعداد هذه الدراسة واستعرض فيها أراء العلماء في هذا العقد والأسس التي إعتمد عليها وبين كيفية تعامل الشركة بهذا العقد بجلاء ووضوح. وإن نشر هذه الدراسة يعد إسهامًا من شركة بيت المال لنشر الدراسات والبحوث التي تدعم مسيرة الإقتصاد الإسلامي. ونسأل الله العظيم أن يوفقنا لخدمة هذا الشعب وأن نكون دائمًا المبادرين في دفع عجلة الإقتصاد الفلسطيني إلى الأمام والله ولي التوفيق. د. محمد صرصور مدير عام شركة بيت المال الفلسطيني العربي

1 / 5

المقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾ ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثَّ منهما رجالًا كثيرًا ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا﴾ ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيمًا﴾. وبعد .... يقول الله تعالى في محكم كتابه: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون﴾. وثبت عن الرسول ﷺ أنه قال: ﴿لعن الله آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء﴾ رواه مسلم. ومما لا شك فيه أن الربا هو السمة الغالبة على النظام الاقتصادي العالمي ومما يؤسف له أن الأمة الإسلامية قد غرقت في بحور الربا وإن من قوارب النجاة من هذه البحور المصارف والشركات الإسلامية التي تعتبر من مظاهر الصحوة الإسلامية المباركة والتي قدمت الإسلام ليحل المشكلات التي تواجه العالم الإسلامي ومنها المشكلة الاقتصادية وعلى وجه الخصوص مشكلة الربا فالواجب على الأمة أن تطوع الحياة للإسلام وتجعله المصدر الأول والأخير لحل كافة المعضلات.

1 / 6

وقد بدأت المصارف والشركات الإسلامية مسيرتها منذ عهد قريب في طريق عقباته كثيرة ومصاعبه ليست قليلة وقد حاول العلماء المعاصرون إيجاد سبل لاستثمار الأموال بطرق مشروعة تقوم على أساس صحيح من نظام المعاملات في الإسلام. ومن هذه الطرق ما اصطلح على تسميته (بيع المرابحة للآمر بالشراء) وأخذوا في تأصيل هذا العقد وفق الأصول الشرعية وما أن بدأت المصارف الإسلامية بتطبيق هذا البيع حتى نشأ نقاش علمي عميق في مدى شرعية هذا النوع من المعاملات وعقدت الندوات والمؤتمرات وقدمت البحوث وألفت الكتب مما أثرى المكتبة الإسلامية في هذا الباب الذي كانت تفتقر إليه. وقد كان المؤلفون والباحثون بين مؤيد ومدافع عن هذا العقد وبين معارض له باعتباره يتنافى مع أصول العقود الصحيحة وقد أخذت معظم المصارف الإسلامية وكذلك الشركات الإسلامية بهذا العقد وتعاملت به وفق شروط وضوابط محددة بناء على رأي العلماء الذين أجازوه وكان من ضمن هذه الشركات التي أخذت به وتعاملت به (شركة بيت المال الفلسطيني العربي). وهي أول شركة تنشأ في فلسطين تتعامل وفق أحكام الشريعة الإسلامية وقد رغبت في المساهمة في دراسة بيع المرابحة للآمر بالشراء من الناحيتين النظرية والعملية التطبيقية فكانت هذه الد راسة المشتملة على الجانب النظري من حيث التعريف ببيع المرابحة وحكمه عند الفقهاء المتقدمين ثم التعريف ببيع المرابحة للآمر بالشراء واختلاف الفقهاء المعاصرين فيه وبيان أدلتهم مع بيان القول الراجح في المسألة.

1 / 7

وأما الجانب العملي فتحدثت فيه عن نشأة شركة بيت المال وأهدافها ونشاطاتها الاستثمارية وكيفية تعاملها ببيع المرابحة للآمر بالشراء والخطوات المتبعة في ذلك وتعرضت للشبهات التي أثيرت حول تطبيق بيع المرابحة للآمر بالشراء وأجبت عليها. وبما أن تجربة شركة بيت المال جديدة والأحوال في بلادنا صعبة من نواحٍ كثيرة فهي تحتاج إلى التسديد والتوجيه باستمرار وهذا الواجب ملقى على عاتق هيئة الرقابة الشرعية للشركة التي تبذل جهودا طيبة في هذا المجال وتلقى توجيهاتها من قبل العاملين في الشركة والقائمين عليها آذانًا صاغية وتنفيذا حسنًا وكل ذلك خدمة للمسلمين الذين يبحثون عن الربح الحلال وتأكيدًا لاثبات منهج الإسلام ومقدرته الفائقة على وضع الحلول لكل المشكلات التي تواجه الناس في ظل الاحتكام لشرع الله. وأخيرًا فإنني قد استفدت كثيرًا من جهود من سبقني في الكتابة في هذا الموضوع فجزاهم الله خيرًا كما وأشكر الأخوة القائمين على شركة بيت المال لما قدموه من مساعدة من أجل اتمام هذه الدراسة ونشرها فجزاهم الله خيرا الجزاء. هذا وإن ما قدمته في هذه الدراسة هو جهد البشر الذي يسري عليه الخطا والنقصان وهما أمران من طبيعة الإنسان ورحم الله إمرءًاَ أهدى إلي أخطائي. وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. كتبه د. حسام الدين عفانة أبوديس- القدس صباح يوم الخميس الحادي عشر من شهر رجب ١٤١٧ وفق الحادي والعشرين من شهر تشرين الثاني ١٩٩٦

1 / 8

تمهيد ويشمل: أولًا: تعريف البيع لغة واصطلاحًا. ثانيًا: تعريف بيع المرابحة ... وبيان حكمه.

1 / 9

نعرف البيع في اللغة والاصطلاح ثم نعرف بيع المرابحة المعروف عند الفقهاء المتقدمين ونبين حكمه: أولًا: تعريف البيع: أ- البيع لغة هو مقابلة شيء بشيء أو هو مطلق المبادلة وهو من أسماء الاضداد أي التي تطلق على الشيء وعلى ضده مثل الشراء كما في قوله تعالى ... ﴿وشروه بثمن بخس﴾ (١) أي باعوه (٢). ب- وفي إصطلاح الفقهاء عرفوه بتعريفات كثيرة منها مبادلة المال المتقوم بالمال المتقوم تمليكا وتملكًا أو هو مقابلة مال بمال على وجه مخصوص (٣) وقيل غير ذلك. وينقسم البيع إلى أربعة أقسام:- الأول: بيع المقايضة: وهو بيع العين بالعين كبيع الثوب بالحنطة. الثاني: البيع المطلق: وهو بيع العين بالدين كبيع الثوب بالدنانير. الثالث: الصرف: وهو بيع الدين بالدين كبيع الدنانير بالدراهم. الرابع: السلم: وهو بيع الدين بالعين كبيع الزيتون بالدراهم.

(١) سورة يوسف الآ ية ٢٠. (٢) انظر المصباح المنير ص٦١ مادة بيع، لسان العرب ١/ ٥٥٦ مادة بيع، الصحاح ٣/ ١١٨٩ مادة بيع. (٣) أنيس الفقهاء ص ٢٠١ التعريفات ص ٢٧، الفقه الإسلامي وأدلته ٤/ ٣٤٤ الموسوعة الفقهية ٩/ ٥.

1 / 11

ويقسم البيع المطلق بالنظر إلى الثمن إلى أربعة أقسام هي:- ١ - بيع المرابحة وهو مبادلة المبيع بمثل الثمن الأول وزيادة ربح معين. ٢ - بيع التوليه وهو المبادلة بمثل الثمن الأول من غير زيادة ولا نقصان. ٣ - بيع الوضيعة وهو المبادلة بمثل الثمن الأول مع نقصان شيء منه. ٤ - بيع المساومة وهو مبادلة المبيع بما يتراضى العاقدان (١). ثانيًا: تعريف بيع المرابحة: أ- كلمة المرابحة في اللغة مأخوذة من كلمة ربح وتعني النماء في التجر وربح في تجارته يربح ربحا وتربحا أي إستشف .... وهذا بيع مربح إذا كان يربح فيه والعرب تقول: - ربحت تجارته إذا ربح صاحبها فيها. وتجارة رابحة: يربح فيها .. وأربحته على سلعته أي أعطيته ربحًا ... وبعت الشيء مرابحة ويقال بعته السلعة مرابحة على كل عشرة د راهم درهم وكذلك اشتريته مرابحة (٢).

(١) انظر الفقه الإسلامي وأدلته ٤/ ٥٩٥ - ٥٩٦ الكليات ص ٢٤٠. (٢) لسان العرب ٥/ ١٠٣ مادة ربح

1 / 12

ب- وأما المرابحة اصطلاحًا فقد عرفها الفقهاء بتعريفات كثيرة منها:- - قال الامام المرغيناني الحنفي (المرابحة نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الأول مع زيادة ربح) (١) - وعرفها صاحب ملتقى الأبحر الحنفي بقوله (المرابحة بيع ما شراه بما شراه وزيادة) (٢). - وعرفها صاحب تنوير الأبصار الحنفي بقوله (بيع ما ملكه بما قام عليه وبفضل) (٣). - وعرفها الشيخ خليل المالكي بقوله (المرابحة وهي بيع ما اشترى بثمنه وربح علم) (٤). - وعرفها ابن رشد المالكي بقوله (هي أن يذكر البائع للمشتري الثمن الذي اشترى به السلعة ويشترط عليه ربحًا ما للدينار أو الدرهم) (٥). -وعرفها ابن جزي المالكي بقوله (فأما المرابحة فهو أن يعرف صاحب السلعة المشتري بكم اشتراها ويأخذ منه ربحًا إما على الجملة مثل ان يقول اشتريتها بعشرة وتربحني د ينارًا أو دينارين وإما على التفصيل وهو أن يقول تربحني درهما لكل دينار أو غير ذلك) (٦). - وعرفها الشيخ أبو اسحق الشيرازي الشافعي بقوله (ان يبين رأس المال وقدر الربح بأن يقول ثمنها مئة وقد بعتكها برأس مالها وربح درهم في كل عشرة) (٧).

(١) الهداية ٦/ ١٢٢. (٢) ملتقى الأبحر ٢/ ٣٤. (٣) رد المحتارة ٥/ ١٣٢. (٤) شرح الدردير ٢/ ٧٢. (٥) بداية المجتهد ٢/ ١٧٨. (٦) القوانين الفقهية ص ١٧٤. (٧) المهذب مع المجموع ١٣/ ٣.

1 / 13

- وعرفها الشيخ الماوردي الشافعي بقوله (واما بيع المرابحة فصورته أن يقول أبيعك هذا الثوب مرابحة على أن الشراء مئة درهم وأربح في كل عشرة واحد) (١). - وعرفها الشيخ ابن قدامة المقدسي الحنبلي بقوله (البيع برأس المال وربح معلوم) (٢). - وعرفها صاحب حدائق الأزهار الزيدي بقوله (نقل المبيع بالثمن الأول وزيادة) (٣). وخلاصة القول في تعريف بيع المرابحة أنه يقوم على أساس معرفة الثمن الأول وزيادة ربح عليه حيث إن المرابحة من بيوع الأمانة فينبغي أن يكون الثمن الأول معلومًا وأن يكون الربح معلومًا أيضا. وبناء عليه يكون تعريف بيع المرابحةهو: - بيع بمثل الثمن الأول وزيادة ربح معلوم متفق عليه بين المتعاقدين. (٤).

(١) الحاوي الكبير ٥/ ٢٧٩. (٢) المغني ٤/ ١٣٦. (٣) حدائق الأزهار مع شرحه السيل الجرار ٣/ ١٣٦. (٤) بيع المرابحة أحمد ملحم ص ٣٠.

1 / 14

ج- حكم المرابحة: يرى جمهور الفقهاء أن بيع المرابحة من البيوع الجائزة شرعًا ولا كراهة فيه. قال الماوردي (وأما بيع المرابحة فصورته أن يقول أبيعك هذا الثوب مرابحة على أن الشراء مئة درهم وأربح في كل عشرة واحد فهذا بيع جائز لا يكره .. والدليل على جوازه عموم قوله تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) ولان الثمن في بيع المرابحة معلوم كما أنه في بيع المساومة معلوم إذ لا فرق بين قوله بعتك هذا الثوب بمئة وعشرة وبين قوله بعتك بمئة وربح كل عشرة واحد وان كلا الثمنين مئة وعشرة وأن اختلفت العبارتان كما لا فرق بين قوله بعتك هذا الثوب بتسعين وبين قوله بمئة الا عشرة في أن كلا الثمنين تسعون وأن اختلفت العبارتان ولا وجه لما ذكر من جهالة الثمن لأن مبلغه وان كان مجهولًا حال العقد فقد عقداه بما يصير الثمن به معلومًا بعد العقد وذلك لا يمنع من صحة العقد. كما لو باعه صبرة طعام كل قفيز بدرهم صح البيع وان كان مبلغ الثمن مجهولًا وقت العقد لانهما عقداه بما يصير الثمن به معلومًا بعد العقد ...) (١). وقال الشوكاني (هذا بيع أذن الله سبحانه به بقوله (تجارة عن تراض) وبقوله (أحل الله البيع وحرم الربا) وهذا يشمل كل بيع كائنا ما كان إذا لم يصحبه مانع شرعي أو يفقد فيه التراضي) (٢).

(١) الحاوي الكبير ٥/ ٢٧٩. (٢) السيل الجرار ٣/ ١٣٦.

1 / 15

ويدل على جواز بيع المرابحة ما ورد في الحديث عن ابن عمر قال سئل رسول الله ﷺ أي الكسب أفضل؟ قال: عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور) (١). ويدل على ذلك أيضًا ما ورد في الحديث عن أبي سعيد الخدري ان الرسول ﵊ قال (... انما البيع عن تراض) (٢). فهذه العمومات من كتاب الله وسنة الرسول ﷺ تدل على جواز بيع المرابحة كما ان الحاجة تدعو لتعامل الناس بالمرابحة قال المرغيناني (والحاجة ماسة إلى هذا النوع من البيع لان الغبي الذي لا يهتدي في التجارة يحتاج إلى ان يعتمد فعل الذكي المهتدي وتطيب نفسه بمثل ما اشترى وزيادة ربح ...) (٣).

(١) رواه الطبراني في الأوسط والكبير ورجاله ثقات قاله الهيثمي. مجمع الزوائد ٤/ ٦١. وقال الحافظ ابن حجر ورجاله لا بأس بهم التلخيص الحبير ٣/ ٣. (٢) رواه ابن ماجة وابن حبان والبيهقي وقال الشيخ الألباني صحيح انظر الارواء ٥/ ١٢٥، وقال الشيخ الأرناؤوط اسناده قوي. صحيح ابن حبان ١١/ ٣٤١. (٣) الهداية ٦/ ١٢٣.

1 / 16

الفصل الأول: بيع المرابحة للآمر بالشراء وحكمه وفيه مبحثان: المبحث الأول: تعريف بيع المرابحة للآمر بالشراء وصوره المبحث الثاني: خلاف العلماء المعاصرين في حكم بيع المرابحة للآمر بالشراء وأدلتهم وبيان الراجح

1 / 17

المبحث الأول: تعريف بيع المرابحة للآمر بالشراء وصوره أولًا: نشأة إصطلاح بيع المرابحة للآمر بالشراء: بيع المرابحة للآمر بالشراء اصطلاح حديث ظهر منذ فترة وجيزة وأول من استعمله بهذا الشكل هو د. سامي حمود في رسالته الدكتوراه بعنوان (تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق مع الشريعة الإسلامية) المقدمة إلى جامعة القاهرة - كلية الحقوق وقد نوقشت رسالته في ٣٠/ ٦/١٩٧٦. ويقول د. سامي حمود عن ذلك (وقد كان بيع المرابحة للآمر بالشراء بصورته المعروفة حاليا في التعامل المصرفي كشفًا وفق الله إليه الباحث أثناء اعداده لرسالة الدكتوراه في الفترة الواقعة بين ١٩٧٣ - ١٩٧٦ حيث تم التوصل إلى هذا العنوان الاصطلاحي بتوجيه من الأستاذ الشيخ العلامة محمد فرج السنهوري رحمه الله تعالى حيث كان استاذ مادة الفقه الإسلامي المقارن للدراسات العليا بكلية الحقوق بجامعة القاهرة) (١). وقد شاع استعمال هذا الاصطلاح لدى البنوك الإسلامية والشركات التي تتعامل وفق أحكام الشريعة الإسلامية وصارت هذه المعاملة من أكثر ما تتعامل به البنوك الإسلامية.

(١) بيع المرابحة للآمر بالشراء د. سامي حمود ص ١٠٩٢ مجلة مجمع الفقه الإسلامي عدد ٥ ج٢.

1 / 19

والحقيقة ان هذا الاصطلاح (بيع المرابحة للآمر بالشراء) إصطلاح حديث ولا شك ولكن حقيقته كانت معروفة عند الفقهاء المتقدمين وإن اختلفت التسمية فقد ذكره محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة وذكره الامام مالك في الموطأ والامام الشافعي في الام كما سيأتي ذلك عنهم (١). ثانيًا: تعريف بيع المرابحة للآمر بالشراء عرفه العلماء المعاصرون بعدة تعريفات منها:- ١ - عرفه د. سامي حمود بقوله (أن يتقدم العميل إلى المصرف طالبًا منه شراء السلعة المطلوبة بالوصف الذي يحدده العميل وعلى أساس الوعد منه بشراء تلك السلعة فعلًا مرابحة بالنسبة التي يتفقان عليها ويدفع الثمن مقسطًا حسب امكانياته) (٢). ٢ - وجاء تعريف بيع المرابحة للآمر بالشراء في قانون البنك الإسلامي الأردني بما يلي: (قيام البنك بتنفيذ طلب المتعاقد معه على أساس شراء الأول ما يطلبه الثاني بالنقد الذي يدفعه البنك - كليا أو جزيئًا - وذلك في مقابل التزام الطالب بشراء ما أمر به وحسب الربح المتفق عليه عند الإبتداء) (٣).

(١) المرابحة للآمر بالشراء د. بكر أبو زيد ص ٩٧٨ مجلة مجمع الفقه الأسلامي عدد ٥ ج٢. المرابحة للآمر بالشراء د. الصديق الضرير ص ٩٩٥ مجلة مجمع الفقه الإسلامي عدد ٥ ج٢. (٢) تطوير الأعمال المصرفية ص ٤٣٢ بتصرف يسير. (٣) بيع المرابحة للآمر بالشراء د. سامي حمود ص١٠٩٢ مجلة مجمع الفقه الإسلامي عدد ٥ ج٢، بيع المرابحة أحمد ملحم ص ٧٧.

1 / 20

٣ - وعرفه د. يونس المصري بقوله (أن يتقدم الراغب في شراء سلعة إلى المصرف لأنه لا يملك المال الكافي لسداد ثمنها نقدًا ولأن البائع لا يبيعها له إلى أجل إما لعدم مزاولته للبيوع المؤجلة أو لعدم معرفته بالمشتري أو لحاجته إلى المال النقدي فيشتريها المصرف بثمن نقدي ويبيعها إلى عميله بثمن مؤجل أعلى) (١). ٤ - وعرفه د. محمد سليمان الاشقر بقوله (يتفق البنك والعميل على أن يقوم البنك بشراء البضاعة .. ويلتزم العميل أن يشتريها من البنك بعد ذلك ويلتزم البنك بأن يبيعها له وذلك بسعر عاجل أو بسعر آجل تحدد نسبة الزيادة فيه على سعر الشراء مسبقًا) (٢). ٥ - وعرفه الباحث أحمد ملحم بقوله (طلب شراء للحصول على مبيع موصوف مقدم من عميل إلى مصرف يقابله قبول من المصرف ووعد من الطرفين الأول بالشراء والثاني بالبيع بثمن وربح يتفق عليها مسبقًا) (٣).

(١) بيع المرابحة للآمر بالشراء د. رفيق المصري ص١١٣٣ مجلة مجمع الفقه الإسلامي عدد ٥ ج٢. (٢) بيع المرابحة كما تجريه البنوك الإسلامية د. الاشقر ص ٦. (٣) بيع المرابحة أحمد ملحم ص ٧٩.

1 / 21

وغير ذلك من التعريفات الكثيرة وكلها تدور على الأسس التالية:- أولًا: إن بيع المرابحة للآمر بالشراء ثلاثي الأطراف أي أنه يوجد عندنا ثلاثة متعاقدين. الأول: الآمر بالشراء. الثاني: المصرف الإسلامي. الثالث: البائع. وهذا الأمر يختلف فيه بيع المرابحة للآمر بالشراء عن المرابحة المعروفة عند الفقهاء المتقدمين حيث إن المرابحة المعروفة عند الفقهاء المتقدمين ثنائية الأطراف. ثانيا: إن بيع المرابحة للآمر بالشراء يتم باتمام الخطوات التالية:- أ- طلب من العميل يقدمه للمصرف الإسلامي لشراء سلعة موصوفة. ب- قبول من المصرف لشراء السلعة الموصوفة. ج- وعد من العميل لشراء السلعة الموصوفة من المصرف بعد تملك المصرف لها. د- وعد من المصرف ببيع السلعة الموصوفة للعميل وقد يكون الوعد لازمًا أو غير لازم كما سيأتي بيانه. هـ- شراء المصرف للسلعة الموصوفة نقدًاَ. وبيع المصرف للسلعة الموصوفة للعميل بأجل مع زيادة ربح متفق عليها بين المصرف والعميل.

1 / 22

ثالثا: إن بيع المرابحة للآمر بالشراء عند إجالة النظر فيه يتكون مما يلي:- ١ - وعد بالشراء من العميل للمصرف ووعد بالبيع من المصرف للعميل وتسمى هذه العملية مواعدة وتوقع المصارف الإسلامية مع عملائها على ما يسمى وعد بالشراء. ٢ - يشتري المصرف السلعة من البائع ويوقع على عقد بيع بين المصرف والبائع. ٣ - عقد بيع بين الآمر بالشراء والمصرف الإسلامي بعد تملك المصرف للسلعة الموصوفة بناء على طلب العميل. رابعًا: صور تعامل المصارف الإسلامية مع بيع المرابحة للآمر بالشراء بعد البحث والتقصي وجد أن المصارف الإسلامية تتعامل بثلاث صور لبيع المرابحة للآمر بالشراء: الصورة الأولى وهي الأكثر تداولًا والأشهر استعمالا بين المصارف الإسلامية وقد صورها لنا الدكتور يوسف القرضاوي تصويرًا مبسطًا بصورة واقعية عملية فقال (ذهب زيد من الناس إلى المصرف الإسلامي وقال له: أنا صاحب مستشفى لعلاج أمراض القلب، وأريد شراء أجهزة حديثة متطورة لإجراء العمليات الجراحية القلبية، من الشركة الفلانية بألمانيا أو الولايات المتحدة. وليس معي الآن ثمنها، أو معي جزء منه ولا أريد أن ألجا إلى البنوك الربوية لأستلف عن طريقها ما أريد وأدفع الفائدة المقررة المحرمة. فهل يستطيع المصرف الأسلامي أن يساعدني في هذا الأمر دون أن أتورط في الربا؟ هل يستطيع المصرف أن يشتري لي ما أريد بربح معقول على أن أدفع له

1 / 23

الثمن بعد مدة محددة، فأستفيد بتشغيل مشفاي، ويستفيد بتشغيل ماله، ويستفيد المجتمع من وراء ذلك التعاون؟ قال مسئول المصرف: نعم يستطيع المصرف أن يشتري لك هذه الأجهزة بالمواصفات التي تحددها، ومن الجهة التي تعينها، على أن تربحه فيها مقدارًا معينًا أو نسبة معينة وتدفع في الأجل المحدد ولكن البيع لا ينعقد إلا بعد أن يشتري المصرف الأجهزة المذكورة ويحوزها بالفعل بنفسه أو عن طريق وكيله حتى يكون البيع لما ملكه بالفعل. فكل ما بين المصرف وبينك الآن تواعد على البيع بعد تملك السلعة وحيازتها. قال العميل: المصرف إذن هو المسئول عن شراء الأجهزة المطلوبة ودفع ثمنها ونقلها وشحنها وتحمل مخاطرها، فإذا هلكت هلكت على ضمانه وتحت مسئوليته، وإذا ظهر فيها عيب بعد تسلمها يتحمل تبعة الرد بالعيب. كما هو مقرر شرعًا. قال المسئول: نعم بكل تأكيد. ولكن الذي يخشاه المصرف أن يحقق رغبتك ويجيبك إلى طلبك بشراء الأجهزة المطلوبة، فإذا تم شراؤها وإحضارها، أخلفت وعدك معه. وهنا قد لا يجد المصرف من يشتري هذه السلعة منه لندرة من يحتاج إليها، أو قد لا يبيعها إلا بعد مدة طويلة، وفي هذا تعطيل للمال، وإضرار بالمساهمين والمستثمرين الذين إئتمنوا إدارة المصرف على حسن تثميرها لأموالهم. قال العميل صاحب المستشفى: إن المسلم إذا أوعد لم يخلف، وأنا مستعد أن أكتب على نفسي تعهدًا بشراء الأجهزة بعد حضورها بالثمن المتفق عليه، الذي هو ثمن الشراء مع المصاريف والربح المسمى مقدارًا أو نسبة كما أني مستعد لتحمل نتيجة النكول عن وعدي. ولكن ما يضمن لي ألا يرجع

1 / 24