المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي نهج السبيل إلى معرفته ويسر ما دعا إليه من طاعته وأعان على شكر منته ونعمته بما ندب إليه من العمل في عبادته ورغب فيه من جزيل ثواب جنته وهدى إليه بما أوضح عنه من حجته وصلى الله على خيرته من بريته محمد سيد أنبيائه وصفوته وعلى الأئمة الراشدين من عترته وسلم كثيرا.
وبعد فإني ممتثل ما رسمه السيد الأمير الجليل أطال الله في عز الدين والدنيا مدته وأدام بالتأييد نصره وقدرته وحرس من الغير أيامه ودولته من جمع مختصر في الأحكام وفرائض الملة وشرائع الإسلام ليعتمده المرتاد لدينه ويزداد به المستبصر في معرفته ويقينه ويكون إماما للمسترشدين ودليلا للطالبين وأمينا للمتعبدين يفزع إليه في الدين ويقضى به على المختلفين وأن افتتحه بما يجب على كافة
مخ ۲۷
المكلفين من الاعتقاد الذي لا يسع إهماله البالغين إذ هو أصل الإيمان والأساس الذي عليه بناء جميع أهل الأديان وبه يكون قبول الأعمال ويتميز الهدى من الضلال وبالله أستعين
مخ ۲۸
1 باب ما يجب من الاعتقاد في إثبات المعبود جلت عظمته وصفاته التي باين بها خلقه ونفى التشبيه عنه وتوحيده
واجب على كل ذي عقل أن يعرف خالقه جل جلاله ليشكره على نعمه ويطيعه فيما دعاه إليه فيعلم أن له صانعا صنعه واخترعه من العدم وأوجده وأنعم عليه بما أسداه من الفضل والإحسان إليه فجعله حيا سميعا بصيرا مميزا وأمره ونهاه وأرشده وهداه كما ذكر ذلك جل اسمه فيما عدده عليه من الآلاء فقال ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين فلا اقتحم العقبة .
ويعتقد أنه الخالق لجميع أمثاله من البشر وأغياره من الجن والملائكة والطير والوحوش وجميع الحيوان والجماد والسماء والأرض وما فيهما وما بينهما من الأجناس والأصناف والأفعال التي لم يقدر عليها سواه وأنه الله القديم الذي لم يزل ولا يزال لا تلحقه الآفات ولا يجوز عليه التغير بالحادثات الحي الذي لا يموت والقادر الذي لا يعجز والعالم الذي لا يجهل لم يزل كذلك ولا يزال وأنه لا يشبه شيئا ولا يشبه شيء على حال وكل
مخ ۲۹
ما توهمته النفس فهو بخلافه لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير وأنه عدل لا يجور وجواد لا يبخل بدأ خلقه بالإحسان وعرضهم بما أكمل من عقولهم لعظيم النفع بالثواب الذي يجب بالعبادة له والطاعات ويسر عليهم ذلك بالقدرة عليه والهداية إليه والإرشاد والبيان وأنه رحيم بهم محسن إليهم لا يمنعهم صلاحا ولا يفعل بهم فسادا غني لا يحتاج وكل العباد إليه محتاج واحد في الإلهية فرد في الأزلية لا يستحق العبادة غيره يجزي بالأعمال الصالحات ولا يضيع عنده شيء من الحسنات ويعفو عن كثير من السيئات لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما
2 باب ما يجب من الاعتقاد في أنبياء الله تعالى ورسله ع
ويجب أن يعتقد التصديق لكل الأنبياء(ع)وأنهم حجج الله على من بعثهم إليه من الأمم والسفراء بينه وبينهم وأن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف(ص)خاتمهم وسيدهم وأفضلهم وأن شريعته ناسخة لما تقدمها من الشرائع المخالفة لها وأنه لا نبي بعده ولا شريعة بعد شريعته وكل من ادعى النبوة بعده فهو كاذب على الله تعالى ومن يغير شريعته فهو ضال كافر من أهل النار إلا أن يتوب ويرجع إلى الحق بالإسلام فيكفر الله تعالى حينئذ عنه
مخ ۳۰
بالتوبة ما كان مقترفا من الآثام.
ويجب اعتقاد نبوة جميع من تضمن الخبر عن نبوته القرآن على التفصيل واعتقاد الجملة منهم على الإجمال ويعتقد أنهم كانوا معصومين من الخطإ موفقين للصواب صادقين عن الله تعالى في جميع ما أدوه إلى العباد وفي كل شيء أخبروا به على جميع الأحوال وأن طاعتهم طاعة لله ومعصيتهم معصية لله وأن آدم ونوحا وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وإدريس وموسى وهارون وعيسى وداود وسليمان وزكريا ويحيى وإلياس وذا الكفل وصالحا وشعيبا ويونس ولوطا وهودا كانوا أنبياء الله تعالى ورسلا له صادقين عليه كما سماهم بذلك وشهد لهم به وإن من لم يذكر اسمه من رسله على التفصيل كما ذكر من سميناه منهم وذكرهم في الجملة حيث يقول ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك كلهم أنبياء عن الله صادقون وأصفياء له منتجبون لديه وأن محمدا(ص)سيدهم وأفضلهم كما قدمناه.
وكذلك يجب الاعتقاد في رسل الله تعالى من ملائكته(ع)وأنهم أفضل الملائكة وأعظمهم ثوابا عند الله تعالى ومنزلة كجبرائيل وميكائيل وإسرافيل ويجب الإيمان بهم على التفصيل ومن لم يتضمن القرآن ذكره باسمه على التعيين جملة كما وجب ذلك في الأنبياء من البشر
مخ ۳۱
ع قال الله تعالى الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس فأخبر عن جملتهم في هذا المكان وفصل ذكر من سميناه في مواضع أخر من كتابه على ما بيناه
3 باب ما يجب في اعتقاد الإمامة ومعرفة أئمة العباد
ويجب على كل مكلف أن يعرف إمام زمانه ويعتقد إمامته وفرض طاعته وأنه أفضل أهل عصره وسيد قومه وأنهم في العصمة والكمال كالأنبياء(ع)ويعتقد أن كل رسول الله تعالى فهو نبي إمام وليس كل إمام نبيا ولا رسولا وأن الأئمة بعد رسول الله(ص)حجج الله تعالى وأولياؤه وخاصة أصفياء الله أولهم وسيدهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف عليه أفضل السلام وبعده الحسن والحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي بن الحسين ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي بن موسى ثم علي بن محمد بن علي ثم الحسن بن علي بن محمد ثم الحجة القائم بالحق ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى(ع)لا إمامة لأحد بعد النبي(ص)غيرهم ولا يستحقها سواهم وأنهم الحجة على كافة الأنام كالأنبياء(ع)وأنهم أفضل خلق الله بعد نبيه عليه وآله السلام والشهداء على رعاياهم يوم القيامة كما أن الأنبياء(ع)شهداء الله على أممهم وأن بمعرفتهم وولايتهم تقبل الأعمال وبعداوتهم والجهل بهم يستحق النار
مخ ۳۲
4 باب ما يجب من ولاية أولياء الله في الدين وعداوة أعدائه الفاسقين
وولاية أولياء الله تعالى مفترضة وبها قوام الإيمان وعداوة أعدائه واجبة على كل حال.
قال الله عز وجل لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم .
وقال ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء
وقال رسول الله(ص) أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله والولاية لأولياء الله والعداوة لأعداء الله
5 باب ما يجب من اعتقاد المعاد والجزاء والقصاص والجنة والنار
ويجب اعتقاد البعث بعد الموت والحساب والجزاء والقصاص والجنة والنار وأن الله تعالى يثيب المؤمنين بالنعيم الدائم في الجنات ويعذب الكافرين بالخلود في النار ويقتص للمؤمنين ولا يضيع أجر
مخ ۳۳
العاملين ومن شك في شيء مما سميناه أو أنكره خرج عن ملة الإسلام ولم يقبل منه شيء من الأعمال
6 باب ما يجب معرفته والعمل به من شرائع الإسلام
ويجب معرفة الطهارة التي تزيل الأحداث والصلوات الخمس في الليل والنهار وصوم شهر رمضان وجملة الزكاة وفرض الحج إلى البيت الحرام ثم العمل بذلك على شرائطه وإيقاعه على حدوده والمعرفة بما ظهر من أحكام الملة واستفاض به الخبر فيما يحل ويحرم والعمل بذلك والاعتقاد لصوابه والاجتناب لخلافه.
وأنا مبين لوجوهه وذاكر لتفصيله بعد الذي سلف من إجماله على الترتيب الذي يقتضيه الدين إن شاء الله
7 باب فرض الصلاة
والصلاة عماد الدين بعد المعرفة بالله ورسوله والأئمة الراشدين(ع)وما قدمناه من توابع ذلك في الفرض العام على كافة المكلفين وهي خمس صلوات في اليوم والليلة على ترتيب مخصوص وهي أفضل الفرائض بعد المعرفة بما ذكرناه والعمل بها واجب على ما شرحناه
مخ ۳۴
ووصفناه وليس يصح أداها في الشرع إلا بالطهارة لها من الأحداث وأنا مقدم على الشرح الذي يعرف به أحكامها ذكر الأحداث الموجبة للطهارة ثم مبين بعده مفروض الوضوء والغسل والتيمم للأحداث وشافع ذلك بما يليه من تفصيل أحكام الصلاة وأوصافها وما يدخل في أبوابها من السنن والواجبات وأجعل القول في المفروض بعد ذلك من الشروع على نظام يقتضي بعضه بعضا في الترتيب ليعرف كل فصل منه في مكانه على البيان إن شاء الله تعالى
مخ ۳۵
كتاب الطهارة
مخ ۳۷
1 باب الأحداث الموجبة للطهارة
وجميع ما يوجب الطهارة من الأحداث عشرة أشياء النوم الغالب على العقل والمرض المانع من الذكر كالمرة التي ينغمر بها العقل والإغماء والبول والريح والغائط والجنابة والحيض للنساء والاستحاضة منهن والنفاس ومس الأموات من الناس بعد برد أجسامهم بالموت وارتفاع الحياة منها قبل تطهيرهم بالغسل.
وليس يوجب الطهارة شيء من الأحداث سوى ما ذكرناه على حال من الأحوال
2 باب الطهارة من الأحداث
والطهارة المزيلة لحكم الأحداث على ضربين أحدهما غسل والآخر وضوء.
والغسل من الجنابة وهي تكون بشيئين أحدهما بإنزال الماء الدافق في النوم واليقظة وعلى كل حال والآخر بالجماع في الفرج سواء كان معه
مخ ۳۸
إنزال أم لم يكن.
والغسل من الحيض للنساء إذا انقطع الدم منه عنهن وفي الاستحاضة إذا غلب الدم عليهن وسأبين أحكام ذلك في مواضعه إن شاء الله تعالى ومن النفاس عند آخره بانقطاع الدم منه.
والغسل للأموات من الناس واجب.
والغسل من مسهم على ما قدمناه أيضا واجب.
وما سوى هذه الأحداث المقدم ذكرها فالوضوء منه واجب دون الغسل
3 باب آداب الأحداث الموجبة للطهارات
ومن أراد الغائط فليرتد موضعا يستتر فيه عن الناس بالحاجة وليغط رأسه إن كان مكشوفا ليأمن بذلك من عبث الشيطان ومن وصول الرائحة الخبيثة أيضا إلى دماغه وهو سنة من سنن النبي(ص)وفيه إظهار الحياء من الله تعالى لكثرة نعمه على العبد وقلة الشكر منه-.
فإذا انتهى إلى المكان الذي يتخلى فيه قدم رجله اليسرى قبل اليمنى وقال
بسم الله وبالله أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم
ثم ليجلس ولا يستقبل القبلة بوجهه ولا يستدبرها ولكن يجلس على استقبال المشرق إن شاء أو المغرب.
مخ ۳۹
ولا ينبغي له أن يتكلم على الغائط إلا أن تدعوه ضرورة إلى ذلك أو يذكر الله تعالى فيمجده أو يسمع ذكر الرسول(ص)فيصلي عليه وعلى أهل بيته الطاهرين(ع)وما أشبه ذلك مما يجب في كل حال ولا يمتنع الإنسان منه على حال.
فإذا فرغ من حاجته وأراد الاستبراء فليمسح بإصبعه الوسطى تحت أنثييه إلى أصل القضيب مرتين أو ثلاثا ثم يضع مسبحته تحت القضيب وإبهامه فوقه ويمرهما عليه باعتماد قوي من أصله إلى رأس الحشفة مرتين أو ثلاثا ليخرج ما فيه من بقية البول.
وليهرق على يمينه من الماء قبل أن يدخلها الإناء فيغسلها مرتين ثم يولجها فيه فيأخذ منه الماء للاستنجاء فيصبه على مخرج النجو ويستنجي بيده اليسرى حتى تزول النجاسة منه بزوال أثرها ويختم بغسل مخرج البول من ذكره إن شاء.
فإذا فرغ من الاستنجاء فليقم ويمسح بيده اليمنى بطنه وليقل
الحمد لله الذي أماط عني الأذى وهنأني طعامي وعافاني من البلوى الحمد لله الذي رزقني ما اغتذيت به وعرفني لذته وأبقى في جسدي قوته وأخرج عني أذاه يا لها نعمة يا لها نعمة لا يقدر القادرون قدرها
ثم يقدم رجله اليمنى قبل اليسرى لخروجه إن شاء الله.
مخ ۴۰
ولا يجوز التغوط على شطوط الأنهار لأنها موارد الناس للشرب والطهارة ولا يجوز أن يفعل فيها ما يتأذون به لا يجوز أيضا التغوط على جواد الطرق لمثل ما ذكرناه من الأذى به ولا في أفنية الدور ولا يجوز تحت الأشجار المثمرة ولا في المواضع التي ينزلها المسافرون من ظواهر القرى ولا يجوز في مجاري المياه ولا في الماء الراكد.
وإذا دخل الإنسان دارا قد بني فيها مقعد للغائط على استقبال القبلة أو استدبارها لم يضره الجلوس عليه وإنما يكره ذلك في الصحاري والمواضع التي يتمكن فيها من الانحراف عن القبلة.
وإذا كان في يد الإنسان اليسرى خاتم على فصه اسم من أسماء الله تعالى أو خاص أسماء أنبيائه أو الأئمة(ع)فلينزعه عند الاستنجاء ولا يباشر به النجاسة ولينزهه عن ذلك تعظيما لله تعالى ولأوليائه ع .
ولا يجوز السواك والإنسان على حال الغائط حتى ينصرف منه.
ومن أراد البول فليرتد له موضعا ويجتنب الأرض الصلبة فإنها ترده عليه ولا يستقبل الريح ببوله فإنها تعكسه فترده على جسده وثيابه ولا يجوز البول في الماء الراكد ولا بأس به في الماء الجاري واجتنابه أفضل.
مخ ۴۱
ولا يجوز لأحد أن يستقبل بفرجه قرصي الشمس والقمر في بول ولا غائط.
وإذا أراد الاستبراء من البول فليصنع بمسح تحت الأنثيين والقضيب على ما وصفناه في باب الاستنجاء من الغائط ليخرج بقايا البول منه ثم ليغسل موضع خروجه منه.
وأدنى ما يجزيه لطهارته من البول أن يغسل موضع خروجه بالماء بمثلي ما عليه منه وفي الإسباغ للطهارة منه ما زاد على ذلك من القدر إن شاء الله.
ومن أجنب فأراد الغسل فلا يدخل يده في الماء إذا كان في إناء حتى يغسلها ثلاثا وإن كان وضوئه من الغائط فليغسلها قبل إدخالها فيه مرتين على ما ذكرناه ومن حدث البول يغسلها مرة واحدة قبل إدخالها الإناء وكذلك من حدث النوم فإن كان وضوئه من ماء كثير في غدير أو نهر فلا بأس أن يدخل يده من هذه الأحداث فيه وإن لم يغلسها ولو أدخلها من غير غسل على ما وصفناه في المياه المحصورة في الآنية لم يفسد ذلك الماء ولم يضر بطهارته منه إلا أنه يكون بذلك تاركا فضلا ومهملا سنة.
فإن أدخل يده الماء وفيها نجاسة أفسده إن كان راكدا قليلا ولم يجز له الطهارة منه وإن كان كرا وقدره ألف رطل ومائتا رطل بالعراقي لم يفسده وإن كان راكدا ولا يفسد الماء الجاري بذلك قليلا كان أو كثيرا.
وليس على المتطهر من حدث النوم والريح استنجاء وإنما ذلك على المتغوط ومن بال فعليه غسل مخرج البول دون غيره وكذلك الجنب يغسل
مخ ۴۲
ذكره وليس عليه استنجاء مفرد لأن غسل ظاهر جسده يأتي على كل موضع يصل الماء إليه منه إن شاء الله
4 باب صفة الوضوء والفرض منه والسنة والفضيلة فيه
وإذا أراد المحدث الوضوء من بعض الأشياء التي توجبه من الأحداث المقدم ذكرها فمن السنة أن يجعل الإناء الذي فيه الماء عن يمينه ويقول حين ينظر إليه قبل إدخال يده فيه-
الحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا ثم يقول بسم الله وبالله
ويدخل يده اليمنى في الإناء فيأخذ ملء كفه من الماء فيتمضمض به ثلاث مرات ويقول
اللهم لقني حجتي يوم ألقاك وأطلق لساني بذكراك
ثم يأخذ كفا آخر فيستنشق به ثلاثا ويقول
اللهم لا تحرمني طيبات الجنان واجعلني ممن يشم ريحها وروحها وريحانها
ثم يأخذ كفا آخر فيضعه على وجهه من قصاص شعر رأسه ويمر يده على ما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضا منه إلى محادر شعر ذقنه طولا ثم يأخذ كفا آخر فيغسله به مرة أخرى على الصفة التي ذكرناها ويقول وهو يغسل وجهه-
اللهم بيض وجهي يوم تسود فيه الوجوه ولا تسود وجهي يوم تبيض فيه الوجوه
ثم يأخذ كفا آخر من الماء بيده اليمنى فيديره إلى كفه اليسرى ويغسل به يده اليمنى من مرفقه إلى
مخ ۴۳
أطراف أصابعه ولا يستقبل شعر ذراعه بغسله ويأخذ كفا آخر فيديره إلى كفه اليسرى ويغسل به يده اليمنى مرة ثانية كالأولة سواء ويسبغ غسلها حتى يدخل المرفق في الغسل ويقول وهو يغسلها
اللهم أعطني كتابي بيميني والخلد في الجنان بشمالي وحاسبني حسابا يسيرا @HAD@ واجعلني ممن ينقلب إلى أهله مسرورا
ثم يأخذ كفا آخر من الماء بيمينه فيغسل به يده اليسرى من المرفق إلى أطراف الأصابع كما غسل يده اليمنى ولا يستقبل الشعر بغسله ثم يأخذ كفا آخر فيغسلها به مرة أخرى ويقول وهو يغلسها
اللهم لا تعطني كتابي بشمالي ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي
ثم يرفع يده اليمنى بما فيها من البلل فيمسح بها من مقدم رأسه مقدار ثلاث أصابع مضمومة من ناصيته إلى قصاص شعره مرة واحدة ولا يستقبل بالمسح شعر رأسه ويقول-
اللهم غشني برحمتك وبركاتك
ثم يضع يديه جميعا بما بقي فيهما من البلل على ظاهر قدميه فيمسحهما جميعا معا من أطراف أصابعهما إلى الكعبين مرة واحدة أيضا ويقول
اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزل فيه الأقدام واجعل سعيي فيما يرضيك عني يا ذا الجلال والإكرام
. والكعبان هما قبتا القدمين أمام الساقين ما بين المفصل والمشط وليسا الأعظم التي عن اليمين والشمال من الساقين الخارجة عنهما كما
مخ ۴۴
يظن ذلك العامة ويسمونها الكعبين بل هذه عظام الساقين والعرب تسمي كل واحد منهما ظنبوبا والكعب في كل قدم واحد وهو ما علا منه في وسطه على ما ذكرناه.
وإذا فرغ المتوضئ من وضوئه فليقل-
الحمد لله رب العالمين @HAD@ - اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين
. ووضوء المرأة كوضوء الرجل سواء إلا أن السنة أن تبتدئ المرأة في غسل يديها بعد وجهها بباطن ذراعيها ويبتدئ الرجل بغسل الظاهر منهما.
ومرخص للمرأة في مسح رأسها أن تمسح منه بإصبع واحدة ما اتصل بها منه وتدخل إصبعها تحت قناعها فتمسح على شعرها ولو كان ذلك مقدار أنملة في صلاة الظهر والعصر والعشاء الآخرة وتنزع قناعها في صلاة الغداة والمغرب فتسمح على رأسها بمقدار ثلاث أصابع منه حتى تكون مسبغة لطهارتها بذلك وإنما رخص لها في الصلوات الثلاث المذكورة أن تمسح رأسها من تحت القناع لرفع المشقة عنها بنزعه في هذه الأوقات ووجب عليها إيصال المسح إلى حده وإن كان ذلك لا يتم إلا بنزع القناع في وضوء المغرب والغداة لأن من عادة النساء أن يضعن ثيابهن في هذين الوقتين فلا يشق عليهن مسحه على الإسباغ ومن توضأ على ما شرحناه وقال في وضوئه ما أثبتناه فقد أتى بالفرض والسنة.
ومن ترك المضمضة والاستنشاق في الوضوء لم يخل تركه بطهارته إلا أنه
مخ ۴۵
يكون تاركا فضلا.
ومن غسل وجهه وذراعيه مرة مرة أدى الواجب عليه وإذا غسل هذه الأبعاض مرتين مرتين حاز به أجرا وأصاب به فضلا وأسبغ وضوئه بذلك واحتاط لنفسه.
وليس في المسح على الرأس والرجلين سنة أكثر من مرة مرة وهو الفرض لأنه مبني على التخفيف وتثنيته موجبة للتثقيل وربما أشبه إعادة المسح الغسل بالإسباغ فلذلك لا يجوز المسح أكثر من مرة واحدة.
وإن توضأ الإنسان فقال على وضوئه من الكلام ما شرحناه أصاب السنة والفضيلة وإن لم يقل شيئا منه لم يضر ذلك بفرضه وإن كان تاركا عملا طيبا يؤجر عليه.
والوضوء قربة إلى الله تعالى فينبغي للعبد أن يخلص النية فيه ويجعله لوجه الله عز وجل وكل ما فعل فيه فضلا وأصاب به سنة كان أكمل له وأعظم لأجره فيه وأقرب إلى قبوله منه إن شاء الله.
ومن توضأ وفي يده خاتم فليدره أو يحركه عند غسل يده ليصل الماء إلى تحته وكذلك المرأة إذا كان عليها سوار أو نحوه فينبغي أن تديره أو تحركه ليدخل الماء فإن كان الخاتم ضيقا لا يمكن تحريكه فلينزعه عند الوضوء وكذلك الحكم في الدملج عند الطهارة المفترضة بالغسل والسير
مخ ۴۶
يكون في عضد الإنسان لحرز وأشباهه.
وليس يضر المتوضئ ما رجع من الماء الواقع على الأرض أو غيرها على ثيابه وبدنه بل هو طاهر وكذلك ما يقع على الأرض الطاهرة من الماء الذي يستنجي به ثم يرجع عليه لا يضره ولا ينجس شيئا من ثيابه وبدنه إلا أن يقع على نجاسة ظاهرة فيحملها في رجوعه عليه فيجب عليه حينئذ غسل ما أصابه منه ولا يجوز التفريق بين الوضوء فيغسل الإنسان وجهه ثم يصبر هنيئة ثم يغسل يديه بل يتابع ذلك ويصل غسل يديه بغسل وجهه ومسح رأسه بغسل يديه ومسح رجليه بمسح رأسه ولا يجعل بين ذلك مهلة إلا لضرورة بانقطاع الماء عنه أو غيره مما يلجئه إلى التفريق وإن فرق وضوئه لضرورة حتى يجف ما تقدم منه استأنف الوضوء من أوله وإن لم يجف وصله من حيث قطعه وكذلك إن نسي مسح رأسه ثم ذكره وفي يده بلل من الوضوء فليمسح بذلك عليه وعلى رجليه وإن نسي مسح رجليه فليمسحهما إذا ذكر ببلل وضوئه من يديه فإن لم يكن في يديه بلل وكان في لحيته أو حاجبيه أخذ منه ما تندى به أطراف أصابع يديه ومسح بهما رأسه وظاهر قدميه وإن كان قليلا فإن ذكر ما نسيه وقد جف وضوئه ولم يبق من نداوته شيء فليستأنف
مخ ۴۷