يتعلمه منه وإن كان المتعلم كبير القدر بل يصون العلم عن ذلك كما صانه السلف وأخبارهم في ذلك كثيرة مشهورة مع الخلفاء وغيرهم (1) قال الزهري هوان العلم أن يحمله العالم إلى بيت المتعلم (2). اللهم إلا أن تدعو إليه ضرورة وتقتضيه مصلحة دينية راجحة على مفسدة ابتذاله ويحسن فيه نية صالحة فلا بأس وما أحسن ما أنشده القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني (3) لنفسه
يقولون لي فيك انقباض وإنما
رأوا رجلا عن موضع الذل أحجما
أرى الناس من داناهم هان عندهم
ومن أكرمته عزة النفس أكرما
وما كل برق لاح لي يستفزني
ولا كل من لاقيت أرضاه منعما
وإني إذا ما فاتني الأمر لم أبت
أقلب كفي نحوه متندما
ولم أقض حق العلم إن كان كلما
بدا طمع صيرته لي سلما
إذا قيل هذا منهل قلت قد أرى
ولكن نفس الحر تحتمل الظمأ
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي
لأخدم من لاقيت لكن لأخدما
أأسقى به عزا وأسقيه ذلة (4)
إذا فاتباع الجهل قد كان أحزما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم
ولو عظموه في النفوس لعظما
ولكن أذلوه فهان ودنسوا
محياه بالأطماع حتى تجهما (5).
مخ ۱۸۰