منصف
المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
خپرندوی
دار إحياء التراث القديم
د ایډیشن شمېره
الأولى في ذي الحجة سنة ١٣٧٣هـ
د چاپ کال
أغسطس سنة ١٩٥٤م
يا قوم قد حوقلت أو دنوت ... وبعض حيقال الرجال الموت
وهو قريب في المعنى من قولهم: شيخ قاحل؛ إذا كبر ويبس١، وليس على نظمه لأجل التقديم والتأخير في الحروف، ولكنه قريب٢ من لفظه، وقريب من معناه٣ وليس على نظمه٣، ولهذا نظائر في كلام العرب.
ولو قلت: إن أكثر لغاتها على هذا المنهاج، لكان قولا.
ونظير هذا قولهم: جبرت الشيء إذا قويته ومكنته. ثم قالوا: "بُرْج، والبروج: الحصون"، وهي تمنع من فيها وتُعِزه. وقالوا: "المُرَجَّب" للمعظم، وتعظيمك الشيء ومنعك منه وجبرك إياه قريب بعضه من بعض في المعنى، وليس جبرت على تأليف برج، ولا على تأليف المرجب؛ لأجل التقديم والتأخير. فالحروف واحدة، واللفظ متفق، والنظم مختلف، وهذا باب واسع يعم أكثر اللغة ويحتاج الناظر فيه، والباحث عنه إلى أن يكون لطيف النظر.
ثم نعود لما كنا فيه. وقولهم٤: جَهْوَر في كلامه، هو من الجهارة وهو ارتفاع الصوت وظهوره، ومنه قوله تعالى: ﴿أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ ٥ أي: عِيانًا، ومنه قولهم: "جهرت البئر" إذا أخرجت ما فيها من الحمأة، فأظهرته لمرآة العين، فالواو فيه زائدة.
وقولهم: بَيْطَر الدابة: أصله من البَطْر وهو الشق في جلد أو غيره، ويقال٦: بطرتُ الجُرْح أبطُره وأبطِره بطْرا، ومنه سمي البَيْطار؛ لأنهم كثيرا ما يصفونه بالشق والنقب، ألا ترى إلى قول الشاعر:
_________
١ ظ، ش: يئس.
٢ قريب: ساقط من ظ، ش.
٣، ٣ تقدم قبله بإحدى عشرة كلمة، فهو من لهجة ابن جني.
٤ ظ: قوله: وكانت قولهم. وش: قوله.
٥ من الآية ١٥٣ من سورة النساء٤.
٦ ظ، ش: يقال.
1 / 39