فنفى أبو تمام عن الممدوح التعظم لعظم قدره عنه ورفعة نبل القدر عنه التنبل والعظيم غير المتعظم والنبيل عند المتنبل وبيت أبي الطيب رديء الصنعة لأنه كان ينبغي أن يقول: يرى التعظم أن يتواضع والضعة أن تعظم فأمّا أن يوقع التعظم المذموم موقع التعظم المحمود والتواضع المحمود مكان الضعة المذمومة فقد أساء الصنعة وترك مراعاة النقد في شعره وأبو تمام أولى بما قال.
وقال المتنبي:
نَصر المطال على الفْعَالِ كأنَّما ... خالَ السؤالِ على النَّوالِ مُحَرَّما
فكأنه يخبر عن الفعال عنده مقصور على المطال بإسراعه إليه ولم يخبرنا بأن فعاله قبل السؤال أو بعده فإذا أعطى قبل السؤال فلا سلطان للمطال على فعاله، ولو قال سبق السؤال إلى الفعال كان أمدح كما قال سلم الخاسر:
يحْيى بنْ خالد الذي ... يُعْطي الجزيلَ ولا يُبالي
أعْطاكَ قَبْل سُؤالهِ ... فكفاكَ مَكْروه السُّؤَالِ
والمطال لا يكون إلا بعد وعد فقد جمع هذا الكلام الإخبار بما أخبر عنه أبا الطيب من كرم الممدوح، وخبر بكرم آخر من أنه لا يحوج السؤال، وقد قال أشجع:
يَسْبقُ الرْعْدَ بالنَّوالِ كما يَسْ ... بقُ بَرْقَ الغيُوثِ صَوْبُ الغَمامِ