وكان قد كتب إلي كتابا بعد كتاب فيه احتجاج واعتذار، وعتب وآثار وهو كلام باطل لا تقوم به حجة بل إما أحاديث موضوعة أو إسرائيليات غير مشروعة، وحقيقة الأمر الصد عن سبيل الله وأكل أموال الناس بالباطل.
فقلت لهم: الجواب يكون بالخطاب.
فإن جواب مثل هذا الكتاب لا يتم إلا بذلك، وحضر عندنا منهم شخص فنزعنا الغل من عنقه وهؤلاء هم من أهل الأهواء الذين يتعبدون في كثير من الأمور بأهوائهم لا بما أمر الله تعالى ورسوله ?: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله(؛ ولهذا غالب وجدهم هوى مطلق لا يدرون من يعبدون وفيهم شبه قوي من النصارى الذين قال الله تعالى فيهم: (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل( [المائدة: 77]، ولهذا كان السلف يسمون أهل البدع أهل الأهواء.
فحملهم هواهم على أن تجمعوا تجمع الأحزاب ودخلوا إلى المسجد الجامع مستعدين للحراب بالأحوال التي يعدونها للغلاب.
فلما قضيت صلاة الجمعة أرسلت إلى شيخهم لنخاطبه بأمر الله ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم، ونتفق على اتباع سبيله - فخرجوا من المسجد الجامع في جموعهم إلى قصر الإمارة وكأنهم اتفقوا مع بعض الأكابر على مطلوبهم ثم رجعوا إلى مسجد الشاغو - على ما ذكر لي - وهم من الصياح والاضطراب على أمر من أعجب العجاب.
فأرسلت إليهم مرة ثانية لإقامة الحجة والمعذرة وطلبا للبيان والتبصرة ورجاء المنفعة والتذكرة.
فعمدوا إلى القصر مرة ثانية وذكر لي أنهم قدموا من الناحية الغربية مظهرين الضجيج والعجيج والإزباد والإرعاد واضطراب الرؤوس والأعضاء والتقلب في نهر بردى، وإظهار التوله الذي يخيلوا به على الردى، وإبراز ما يدعونه من الحال والمحال الذي يسلمه إليهم من أضلوا من الجهال.
مخ ۹