قلت مخاطبا للأمير والحاضرين: أما المعاصي فمثل ما روى البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب «أن رجلا كان يدعى حمارا وكان يشرب الخمر وكان يضحك النبي ? وكان كلما أتي به النبي صلى الله تعالى عليه وسلم جلده الحد فلعنه رجل مرة.
وقال: لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم. فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله ».
قلت: فهذا رجل كثير الشرب للخمر ومع هذا فلما كان صحيح الاعتقاد يحب الله ورسوله شهد له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك ونهى عن لعنه.
وأما المبتدع فمثل ما أخرجا في الصحيحين عن علي بن أبي طالب، وعن أبي سعيد الخدري وغيرهما - دخل حديث بعضهم في بعض - «أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان يقسم فجاءه رجل ناتئ الجبين كث اللحية محلوق الرأس بين عينيه أثر السجود وقال ما قال.
فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: يخرج من ضئضئ هذا قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد» (¬1) ، وفي رواية: «لو يعلم الذين يقاتلونهم ماذا لهم على لسان محمد لنكلوا عن العمل» (¬2) ، وفي رواية: «شر قتلى تحت أديم السماء، خير قتلى من قتلوه» (¬3) .
قلت: فهؤلاء - مع كثرة صلاتهم وصيامهم وقراءتهم وما هم عليه من العبادة والزهادة - أمر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بقتلهم، وقتلهم علي بن أبي طالب ومن معه من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وذلك لخروجهم عن سنة النبي وشريعته وأظن أني ذكرت قول الشافعي: لأن يبتلى العبد بكل ذنب ما خلا الشرك بالله خير من أن يبتلى بشيء من هذه الأهواء.
مخ ۲۴