وهؤلاء يكذبون في ذلك وهم كذابون مبتدعون قد أفسدوا من أمر دين المسلمين ودنياهم ما الله به عليم.
وذكرت تلبيسهم على طوائف من الأمراء وأنهم لبسوا على الأمير المعروف بالأيدمري، وعلى قفجق نائب السلطنة وعلى غيرهما وقد لبسوا أيضا على الملك العادل كتبغا في ملكه وفي حالة ولاية حماه وعلى أمير السلاح أجل أمير بديار مصر وضاق المجلس عن حكاية جميع تلبيسهم.
فذكرت تلبيسهم على الأيدمري وأنهم كانوا يرسلون من النساء من يستخبر عن أحوال بيته الباطنة ثم يخبرونه بها على طريق المكاشفة ووعدوه بالملك، وأنهم وعدوه أن يروه رجال الغيب فصنعوا خشبا طوالا وجعلوا عليها من يمشي كهيئة الذي يلعب بأكر الزجاج فجعلوا يمشون على جبل المزة وذاك يرى من بعيد قوما يطوفون على الجبل وهم يرتفعون عن الأرض وأخذوا منه مالا كثيرا ثم انكشف له أمرهم.
قلت للأمير: وولده هو الذي في حلقة الجيش يعلم ذلك وهو ممن حدثني بهذه القصة.
وأما قفجق فإنهم أدخلوا رجلا في القبر يتكلم وأوهموه أن الموتى تتكلم، وأتوا به في مقابر باب الصغير إلى رجل زعموا أنه الرجل الشعراني الذي بجبل لبنان ولم يقربوه منه بل من بعيد لتعود عليه بركته، وقالوا: إنه طلب منه جملة من المال؛ فقال قفجق الشيخ يكاشف وهو يعلم أن خزائني ليس فيها هذا كله، وتقرب قفجق منه وجذب الشعر فانقلع الجلد الذي ألصقوه على جلده من جلد الماعز فذكرت للأمير هذا؛ ولهذا قيل لي: إنه لما انقضى المجلس وانكشف حالهم للناس كتب أصحاب قفجق إليه كتابا وهو نائب السلطنة بحماه يخبره بصورة ما جرى.
وذكرت للأمير أنهم مبتدعون بأنواع من البدع مثل الأغلال ونحوها، وأنا نهيناهم عن البدع الخارجة عن الشريعة فذكر الأمير حديث البدعة وسألني عنه فذكرت حديث العرباض بن سارية وحديث جابر بن عبد الله وقد ذكرتهما بعد ذلك بالمجلس العام كما سأذكره.
مخ ۱۳