فاستخرت الله تعالى تلك الليلة واستعنته واستنصرته واستهديته وسلكت سبيل عباد الله في مثل هذه المسالك حتى ألقي في قلبي أن أدخل النار عند الحاجة إلى ذلك وأنها تكون بردا وسلاما على من اتبع ملة الخليل، وأنها تحرق أشباه الصابئة أهل الخروج عن هذه السبيل.
وقد كان بقايا الصابئة (¬1) أعداء إبراهيم إمام الحنفاء بنواحي البطائح منضمين إلى من يضاهيهم من نصارى الدهماء.
وبين الصابئة ومن ضل من العباد المنتسبين إلى هذا الدين نسب يعرفه من عرف الحق المبين، فالغالية من القرامطة والباطنية كالنصيرية والإسماعيلية.
يخرجون إلى مشابهة الصابئة الفلاسفة ثم إلى الإشراك ثم إلى جحود الحق تعالى.
ومن شركهم الغلو في البشر والابتداع في العبادات والخروج عن الشريعة له نصيب من ذلك بحسب ما هو به لائق كالملحدين من أهل الاتحاد والغالية من أصناف العباد.
فلما أصبحنا ذهبت للميعاد وما أحببت أن أستصحب أحدا للإسعاد لكن ذهب أيضا بعض من كان حاضرا من الأصحاب والله هو المسبب لجميع الأسباب.
وبلغني بعد ذلك أنهم طافوا على عدد من أكابر الأمراء وقالوا أنواعا مما جرت به عادتهم من التلبيس والافتراء الذي استحوذوا به على أكثر أهل الأرض من الأكابر والرؤساء مثل زعمهم: أن لهم أحوالا لا يقاومهم فيها أحد من الأولياء وأن لهم طريقا لا يعرفها أحد من العلماء.
وأن شيخهم هو في المشايخ كالخليفة وأنهم يتقدمون على الخلق بهذه الأخبار المنيفة، وأن المنكر عليهم هو آخذ بالشرع الظاهر غير واصل إلى الحقائق والسرائر.
وأن لهم طريقا وله طريق، وهم الواصلون إلى كنه التحقيق وأشباه هذه الدعاوى ذات الزخرف والتزويق.
مخ ۱۱