عاقه [١] عنها فما يتبعها ... حيث آوته إلى جنب الحرم
فرماه بظهار [٢] ريشه ... فاشتوى [٣] منه فأطعم وقسم
قالوا له: كيف كان هلاكهم؟ قال: أقبلت حية مثل الجبل فجعلت تنفخ [٤] عليهم فتلقى من جوفها أمثال الرماح من نار فجعلوا يحترقون حتى هلكوا جميعا، قالوا: أنى يكون هذا، قال: أما سمعتم بقول عبد شمس:
(الرمل)
فأتاه حية من خلفه ... أحجن [٥] النابين وثّاب خضمّ [٦]
فرماه بشهاب ثاقب ... مثل ما أبصرت [٧] بالليل الضرم [٨]
قالوا: فوالله ما ندخل في شيء من شأنه! فعند ذلك وهن أمر الأحلاف حتى صالحوهم صلحا على خمسين خمسين ناقة، فدفعت إلى أبي طالب والزبير، فرفدوا بها الكعبة والحجاج، ومن لم يعط [٩] خمسين ناقة لم يزل خائفا حتى بعث [١٠] الله النبي ﷺ، فلما كان أيام بدر أقبل أبو مسافع وأصحابه الذين هربوا فقالوا: يا معشر قريش! لم تنفوننا وتطردوننا؟ ما لنا عندكم إن نقاتل محمدا وأصحابه، فإن قتلنا فهو ما تريدون وإن بقينا فهو عوض مما صنعنا، فأقبلوا فشهدوا بدرا، فقتل أبو مسافع والحارث بن عامر وأفلت أبو إهاب، وقد كان الحارث بن عامر يجالس النبي ﷺ
_________
[١] عاقه: صرفه وأخره عنها، ليس هنا ذكر فاعل العائق، ويظهر من هذا أن الراوي أهمل بعض الأبيات السابقة.
[٢] الظهار كغبار: الجانب القصير من الريش.
[٣] في الأصل: فاستوى.
[٤] في الأصل: تنفح- بالحاء المهملة.
[٥] الأحجن: الأعوج.
[٦] الخضم كمجن القاطع.
[٧] في الأصل: أدريت، والتصحيح من شرح ديوان حسان للبرقوقي ص ٥١.
[٨] في الأصل: الفرم، والضرم كجبل جمع الضرمة متحركة وهي النار والجمرة.
[٩] في الأصل: لم يعطي.
[١٠] في الأصل: أبعث.
1 / 68