كما هى عادة الناس في الدخول على الملوك
قال جحاف وحدثنى ولده على بن أحمد أنه كان يرى ما وصل إليه كما يراه الآخر فلا يحتفل بشئ منه وإنه أرسل له المهدى العباس بشئ من آلة الصين الفاخر فشرعها بمقامه فما دارت أيام قلائل إلا وقد ذهب جميعه كان يدخل عليه الداخل فيعجبه الشيء فيسأله فيعطيه قال ومن عجيب أمره أن الصينية التى يتقهوى بها انما تحفظها بعض نسائه خوفا من أن يأخذها عليها الغير وكان يسعى في الخير ويثابر على اعانة الضعفاء ويستخرج من الخليفة المهدى أموالا جمة للفقراء وأدرك الإمام في بعض أيامه تغيرا في المزاج وقلقا في الطبع فبعث إليه فجس نبضه فوجده صالحا فقال العلة تنبئ عن جمع المال والدواء الإنفاق على أهل الحاجة فبذل الإمام مالا للصدقة فاستوى مزاجه واعتدل طبعه
وجئ إلى المهدى برجل من أهل الجرائم قد احتوشه الناس باب دار الإمام فقال صاحب الترجمة تنظر إلى هذا قال المهدى نعم قال فاتق الله فإنى أخاف أن يؤتى بك يوم القيامة هكذا وكان المهدى رحمه الله لا يطرح الحشمة مع أحد سواه وبدرت من المهدى غضبة عليه فراح عنه واشتغل بتجهيز نفسه للسفر فبعث إليه المهدى ما شأنك فقال أنا رجل هندى غريب الديار لا يطمعنى شئ ولى جارية منك خذها لا حاجة لى فيها فوقفه وقرر خاطره
واشتغل المترجم له آخر ايامه بجمع الكتب الطبية والدينية وغيرها ونسخها وتوسع بعد ذلك في شراء الأموال وكان الحكيم إسماعيل العجمى يحسده وكذلك الحكيم حسين فتح الله وامتحناه فلم يعول بواحد منهما ومات بصنعاء في خامس وعشرين رجب سنة 1195 خمس وتسعين
مخ ۵۱