ملحق آغاني

ابن منظور d. 711 AH
176

ملحق آغاني

ملحق الأغاني (أخبار أبي نواس)

پوهندوی

علي مهنا وسمير جابر

خپرندوی

دار الفكر للطباعة والنشر

د خپرونکي ځای

لبنان

كان في سوق يحيى نصراني صيرفي وله ابن يتحدث عن حسنه أهل بغداد ويضرب به المثل فيما بينهم وكانت دكانه على باب داره فلم يكن يبرح ولا يدعه أبوه ينصرف ولا يمكنه أن يتجاوز دكانه فاشتد على أبي نواس ولم يدر كيف يحتال في أمره فعمد إلى جبة صوف قصيرة فلبسها وسراويل قصير ونعل رقيقة وتزيا بزي الزهاد وحلق شاربه وأخذ شعره وسرح لحيته وأخذ بيده دفترا ومحبرة ثم جاء يمشي بخشوع وتؤدة حتى سلم على الصيرفي وقعد على دكانه فيما بين العصر والمغرب وأخرج دينارا ودفعه إليه وقال له أعطني به دراهم فرأى الصيرفي سيماء حسنة ووقارا وزي القراء فأعظمه ورفعه ثم وزن بقيمة الدينار دراهم فدفعها إليه فاخذ ما أعطاه ولم يسأل عن السعر ولا ماكسه وأقبل يسائله عن بغداد وعن سيرة السلطان بها ومن يعرف من المحدثين كأنه رجل غريب وجعل كلما مر مسكين تصدق عليه بالنصف والدرهم والقطعة فعظم في عين الصيرفي فلما كان المغرب قال أبو نواس في حديثه للصيرفي إن لي قرابة بقرب الكناس وعليه أنزل والطريق بعيد جدا فقال له الصيرفي فلا تتجشم بعد الطريق في هذا الوقت الضيق وبت عندي الليلة فإذا اصبحت مضيت مصاحبا فشكره وقال ما أكره ذلك وكان للصيرفي غرفة على دكانه فأصعده وحانت صلاة المغرب فصف أبو نواس قدميه وأقبل على الصلاة فجاءه الصيرفي بطعام طيب وسأله أن يتحرم به فانفتل من صلاته وتناول شيئا يسيرا وقال هذا إفطاري ولا أفطر إلا من الليل إلى الليل وجاء بنبيذ فتنافر منه أبو نواس وقال لست من أهله ولا ممن يستعمله ولا ذقته إلا في أوائل العمر والحداثة وحملني على ذلك حينئذ غرة الشباب إذ كان مسكرا والسكر حامل على كل معصية مذموم عند أهل كل ملة فأتاه بحلوى فأكل منها وقعد النصراني وابنه واخوه يشربون وأبو نواس يحدثهم بأحاديث الزهاد والنساك والقراء والصالحين والسياح على عهد عيسى عليه الصلاة والسلام حتى ذهب الليل وكاد الصبح ان يسفر وعمل النبيذ فيهم وناموا في الغرفة معه نوما مستثقلا بالسكر والسهر فامهلهم حتى علم أن قد استغرقوا في النوم ثم قام إلى الغلام فقضى منه أربه فانتبه الغلام فزعا مذعورا فلما رأى ما فعل به اقبل يشتمه ويسبه ووثب عليه فقال ترفق يا حبيبي فالطيش والحرد بحمد الله تعالى لا يشبهانك وانت بحمد الله تعقل واشتغل الغلام بالنظر إلى ما جرى عليه ونجس من ثيابه فنزل أبو نواس من الغرفة وقد مر أوائل الناس في الطريق حتى أتى منزله بباب الطاق فلما أصبح غير ثيابه وحضر باب أسماء بنت المهدي وكان يجتمع عنده الشعراء فجئت فقعدت إلى جانبه فحدثني الحديث

وقال في المجون يصف ما جرى له معه

( إذا هجع النيام فخل عني

وعمن كان يصلح للدبيب )

( فإني عالم فطن أريب

ولا يخبرك مثل فتى أريب )

( ألذ النيك ما كان اغتصابا

بمنع الحب أو منع الرقيب )

مخ ۱۸۴