180

مختصر التحفة الاثنی عشریه

مختصر التحفة الاثني عشرية

ایډیټر

محب الدين الخطيب

خپرندوی

المطبعة السلفية

د خپرونکي ځای

القاهرة

وأنبياء كانوا أحب الخلق إلى الله ولم يكونوا ذوي رئاسة عامة، كزكريا ويحيى وشمويل الذي كان طالوت في زمنه صاحب رئاسة عامة بنص إلهي، وأيضا يحتمل أن أبا بكر لعله لم يكن في ذلك الحين حاضرا في المدينة المنورة والدعاء كان خالصا بالحاضرين دون الغائبين بدليل قوله «اللهم ائتني» لأن إحضار الغائب من مسافة بعيدة في آن قصير لا يعقل إلا طريق خرق العادة، والأنبياء لا يسألون الله خرق العادة إلا في وقت التحدي، وإلا لما احتاجوا في الحرب والقتال إلى تهيئة الأسباب الظاهرة. ويحتمل أن يراد التبعيض بذلك كما في قولهم فلان أعقل الناس وأعلمهم وأفضلهم. وعلى تقدير دلالته على المدعى لا يقاوم الأخبار الصحاح الدالة على خلافة أبي بكر وعمر، مثل «اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر» (١) وغير ذلك.
الحديث الخامس: رواية جابر عن النبي ﷺ أنه قال: «أنا مدينة العلم وعلي بابها» (٢) وهذا الخبر أيضا مطعون فيه، قال يحيى بن معين: لا أصل له، (٣) وقال البخاري إنه منكر، وليس له وجه صحيح. (٤) وقال الترمذي إنه منكر غريب. (٥) وذكره ابن الجوزي في الموضوعات. (٦) وقال ابن دقيق العيد: لم يثبتوه. (٧) وقال النووي والذهبي والجزري إنه موضوع. (٨) فالتمسك بالأحاديث الموضوعة مما لا وجه له، إذ شرط الدليل اتفاق الخصمين عليه. ومع هذا ليس مفيدا لمدعاهم إذ لا يلزم أن من كان باب مدينة العلم فهو صاحب رئاسة عامة بلا فصل بعد النبي ﷺ، غايته أن شرطا من شروط الإمامة قد تحقق فيه بوجه أتم، ولا يلزم من تحقيق شرط واحد وجود المشروط بالشروط الكثيرة، مع أن ذلك الشرط كان ثابتا في غيره أيضا أزيد منه برواية أهل السنة مثل «ما صب الله شيئا في صدرى إلا وقد صببته في صدر أبي بكر» (٩) ونحو «لو كان بعدي نبي لكان عمر» (١٠) فإذا اعتبرت روايات أهل السنة فليتعبر كلها، وإلا فلا ينبغي أن يقصد إلزامهم برواية واحدة من رواياتهم.
الحديث السادس: وهو ما رواه الإمامية مرفوعا أنه ﷺ قال «من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في بطشه، وإلى

(١) أخرجه الترمذي من حديث حذيفة، السنن، كتاب المناقب، باب مناقب أبي بكر وعمر: ٥/ ٦٠٩، رقم ٣٦٦٢؛ وابن ماجة، السنن، كتاب المقدمة، باب فضل أبي بكر: ١/ ٣٧، رقم ٩٨؛ أحمد، المسند: ٥/ ٣٨٢؛ الحاكم، المستدرك: ٣/ ٨٠؛ وصححه في صحيح الجامع: رقم ١١٤٢.
(٢) قال العجلوني في هذا الحديث: «قال الترمذي: منكر، وقال البخاري: إنه كذب لا أصل له، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات»، وقال أبو زرعة: «كم من خلق افتضحوا فيه»، وقال أبو حاتم ويحيى بن سعد: «لا أصل له ...»، وقال ابن دقيق العيد: «لم يثبتوه، وقيل إنه باطل ...». كشف الخفاء: ١/ ٢٣٦. ووضعه السيوطي في اللآلئ المصنوعة: ١/ ٣٢٩؛ الزركشي، التذكرة: ص ١٦٣؛ والألبانى؛ ضعيف الجامع: ١/ ١٣٢٢.
(٣) كشف الخفاء: ١/ ٢٣٦.
(٤) كشف الخفاء: ١/ ٢٣٦.
(٥) سنن الترمذي: ٥/ ٦٣٧.
(٦) قال: «والحديث لا أصل له». الموضوعات: ١/ ٣٥٥.
(٧) كشف الخفاء: ١/ ٢٣٦.
(٨) ترتيب الموضوعات: ص ٢٨٦.
(٩) ليس في كتب الحديث المعتمدة، وأورده ابن القيم في المنار المنيف تحت عنوان: «ومما وضعه جهلة المنتسبين إلى أهل السنة في فضائل الصديق ﵁»
(١٠) أخرجه الترمذي عن عقبة بن عامر في كتاب المناقب، باب مناقب عمر بن الخطاب: ٥/ ٦١٩، رقم ٣٦٨٦؛ وأحمد في المسند: ٤/ ١٥٤؛ الطبراني في الكبير: ١٧/ ٢٩٨؛ الحاكم في المستدرك: ٣/ ٩٢، رقم ٤٤٩٥؛ وحسنه في صحيح الجامع، رقم ٥٢٨٤.

1 / 165