في النسب أحق وأولى من غيرهم، وإن كانت الشفقة والتعظيم للأجانب أزيد، (١) ولكن مدار النسب على القرابة في الأدعياء، وهي مفقودة في الأدعياء، وحكم ذلك في كتاب الله، ولا دخل ههنا لمعنى الأولى بالتصرف في المقصود أصلا. (٢)
وقد أورد بعض المدققين منهم دليلا على نفي المحبة، وهو أن محبة الأمير أمر مفاد حيث كان ثابتا في ضمن آية ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض﴾ فلو أفاد هذا الحديث ذلك المعنى أيضا كان لغوا، ولا يخفى فسداه، أولم يفهموا أن بيان محبة أحد في ضمن عموم شيء وإيجاب محبته بخصوص أمر آخر فرق بينهما لا يخفى على العقلاء. مثلا لو آمن أحد بجميع أنبياء الله ورسله، ولم يتعرض لاسم محمد ﷺ بخصوصه في الذكر، لم يكن إسلامه معتبرا. وفي هذا تكون محبة الأمير بشخصية مقصودة بالوجوب، وفي الآية يكون وجوبها مفادا بوصف الإيمان الذي هو عام. ولو فرضنا اتحاد مضمون الآية والحديث لا يلزم اللغو أصلا لأن وظيفة النبي أن يؤكد مضامين القرآن لإلزام الحجة وإتمام النعمة. (٣) ومن تدبر الكتاب والسنة لا يتكلم بمثل هذا الكلام. وإلا فتأكيدات النبي وتقريراته في أبواب الصلاة والزكاة وتلاوة القرآن ونحو ذلك كلها تصير لغوا والعياذ بالله. وعند الشيعة أيضا دعوى التنصيص على إمامة الأمير وتأكيده ثابتة، (٤) فيلزم على تقدير صحة هذا القول أن يكون ذلك كله حشوا.
وسبب هذه الخطبة الذي ذكره المؤرخون وأهل السير يدل على أن المقصود منها كان إلزام المحبة للأمير، ولأن جماعة الصحابة الذين كانوا متغيبين مع الأمير في سفر اليمن كبريدة الأسلمي وخالد بن الوليد وغيرهما من المشاهير بعد ما رجعوا من سفرهم من الأمير، فتكلم النبي ﷺ في حقه هكذا، وقد أورد هذه القصة محمد بن إسحق وغيره من أهل السير مفصلة.
الحديث الثاني: روى البخاري ومسلم عن البراء بن عازب أنه ﷺ لما استخلف الأمير في غزوة تبوك على أهل بيته من النساء وتركه فيهن وقد توجه هو إلى تلك الغزوة، قال الأمير: يا رسول الله أتخلِفني في النساء والصبيان؟ فقال النبي ﷺ له: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي». (٥) قالت الشيعة: إن