حرب نفوسة لابن طولون من أعاظم رجال الدولة في عهد الإمام أبي اليقظان واليه على جبل نفوسة وملحقاته البطل الشهير أبو منصور الياس النفوسي الذي هزم العباس بن طولون هزيمة منكرة . وملخص الواقعة وأسبابها : أن العباس بن أحمد بن طولون في غيبة والده عن مصر حدثته نفسه بامتلاك المغرب فجهز سنة 267 ه ( 880 م ) جيشا يتألف من 800 فارس و 10000 راجل من سودان أبيه يحمل أمتعتهم 5000 بعير وأخذ من بيت مال مصر 800 حمل دنانير وقيل أن مبلغ ما حمل من المال هو مليون دينار ومائتا ألف دينار ثم زحف بهذه القوة وامتلك ما في طريقه من المدن والقرى وتغلب على جميع ما أرسله إليه بنو الأغلب من الجيوش فازداد قوة على قوة بقهره تلك الحملات المتكررة ، ولعل من أكبرها وأهمها واقعة لبدة فقد خصها بالذكر إذ قال متحمسا ونشوة النصر عملت في نفسه عملها :
ثم زحف بجيوشه المنتصرة إلى أن وصل طرابلس فضرب عليها نطاق الحصار مدة قدرها 43 يوما إلى أن تعدى بعض جنوده على حرم البوادي وهم أتباع بني رستم بمقتضى معاهدة عقدت قديما ، فاستغاثوا بأبي منصور وشاركهم في الاستغاثة أهل طرابلس فأغاثهم بجحفل جرار ، وقبل زحفه ورد إليه كتاب تهديد من العباس ابن طولون هذا نصه : أن أقبل بسمعك وطاعتك وإلا وطئت بلدك بخيلي ورجلي وأبحت حرمك . فأجابه أبو منصور محقرا له : قل لهذا الغلام أما أنك أقرب الكفار مني وأحقهم بمجاهدتي فقد بلغني من قبيح أفعالك ما لا يسعني التخلف معه عن جهادك وها أنا على أثر رسالتي إليك . فصحبه على الأثر بنفسه في 12 ألفا من رجال نفوسة وهزمه شر هزيمة وذهب ابن طولون لا يلوي على شيء وعاد أبو منصور إلى الجبل تحفة الكرامة والعزة بدون أن يتلبس هو ورجاله بشيء من الأموال والذخائر التي تركها ابن طولون واستباحها الأعراب ونهبوها وبنو الأغلب وعمالهم سلبوها من الأعراب ( 7 ).
مخ ۴۸