مختصر تفسیر ابن کثیر
مختصر تفسير ابن كثير
خپرندوی
دار القرآن الكريم
شمېره چاپونه
السابعة
د چاپ کال
۱۴۰۲ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
تفسیر
معايشهم من التجارات وغيرها، ومن ههنا يُؤْخَذُ [الْحَجْرُ عَلَى السُّفَهَاءِ] وَهُمْ أَقْسَامٌ: فَتَارَةً يَكُونُ الْحَجْرُ لِلصِّغَرِ، فَإِنَّ الصَّغِيرَ مَسْلُوبُ الْعِبَارَةِ، وَتَارَةً يَكُونُ الْحَجْرُ لِلْجُنُونِ، وَتَارَةً لِسُوءِ التَّصَرُّفِ لنقص العقل أو الدين، وتارة للفَلس وَهُوَ مَا إِذَا أَحَاطَتِ الدُّيُونُ بِرَجُلٍ وَضَاقَ مَالُهُ عَنْ وَفَائِهَا، فَإِذَا سَأَلَ الْغُرَمَاءُ الحاكم الحجر عليه حجر عليه، وقال ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾ قال: هم بَنُوكَ والنساء، وقال الضحاك: هُمُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيرٍ: هم اليتامى، وقال مجاهد وعكرمة: هم النساء، وقال ابن أبي حاتم عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إن النساء سفهاء إلا التي أطاعت قيّمها» (أخرجه ابن أبي حاتم ورواه ابن مردويه مطولًا) وَقَوْلُهُ: ﴿وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا﴾ قال ابن عباس لَا تَعْمَدْ إِلَى مَالِكَ وَمَا خَوَّلَكَ اللَّهُ وجعله لك معيشة، فتعطيه امرأتك أو بنتك، ثُمَّ تُنْظُرَ إِلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَلَكِنْ أَمْسِكْ مَالَكَ وَأَصْلِحْهُ، وَكُنْ أَنْتَ الَّذِي تُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ كِسْوَتِهِمْ وَمُؤْنَتِهِمْ وَرِزْقِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ جرير عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: ثَلَاثَةٌ يَدْعُونَ اللَّهَ فلا يستجيب لَهُمْ، رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ سَيِّئَةُ الْخُلُقِ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا، وَرَجُلٌ أَعْطَى مَالَهُ سَفِيهًا، وَقَدْ قَالَ الله: ﴿وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾، وَرَجُلٌ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ ﴿وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا﴾ يَعْنِي فِي البر والصلة، وهذه الآية الكريمة تضمنت الإحسان إلى العائلة في الكساوى والأرزاق، بالكلام الطَّيِّبِ وَتَحْسِينِ الْأَخْلَاقِ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى﴾ أَيِ اخْتَبِرُوهُمْ ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي الْحُلُمَ، قَالَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْعُلَمَاءِ: الْبُلُوغُ فِي الْغُلَامِ تَارَةً يَكُونُ بِالْحُلُمِ، وَهُوَ أَنْ يَرَى فِي مَنَامِهِ مَا يُنْزِلُ بِهِ الماء الدافق الذي يكون منه الولد، وعن علي: قَالَ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ «لَا يُتْمَ (١) بَعْدَ احْتِلَامٍ، وَلَا صُمَات يومٍ إِلَى اللَّيْلِ» وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ عن عائشة وغيرها مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يحلم - أي يستكمل خمس عشرة سنة - وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يفيق»، وأخذوا ذلك من الحديث الثابت في الصحيحن عن ابن عُمَرَ قَالَ: عُرِضتُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ أُحد وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشَرَةَ فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني، فقال عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا بَلَغَهُ هَذَا الْحَدِيثُ: إِنَّ هَذَا الْفَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وقال أبو عبيد في الغريب عَنْ عُمَرَ: أَنَّ غُلَامًا ابْتَهَرَ جَارِيَةً فِي شعره، فقال عمر: انْظُرُوا إِلَيْهِ فَلَمْ يُوجَدْ أَنْبَتَ فَدَرَأَ عَنْهُ الحد، قال أبو عبيدة: ابْتَهَرَهَا أَيْ قَذَفَهَا، وَالِابْتِهَارُ: أَنْ يَقُولَ فَعَلْتُ بِهَا وَهُوَ كَاذِبٌ، فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَهُوَ الإبتهار قَالَ الْكُمَيْتُ فِي شِعْرِهِ:
قَبِيحٌ بِمِثْلِي نَعْتُ الفتاة * إما ابتهارًا وإما ابتيارًا
وقوله ﷿: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ يعني صلاحًا في دينهم وحفظًا لأموالهم كذا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِ واحد من الأئمة، وهكذا قال الفقهاء: إذا بَلَغَ الْغُلَامُ مُصْلِحًا لِدِينِهِ وَمَالِهِ انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ، فَيُسَلَّمُ إِلَيْهِ مَالُهُ الَّذِي تَحْتَ يَدِ وليه، وَقَوْلُهُ: ﴿وَلاَ تَأْكُلُوهَآ إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ﴾ يَنْهَى تَعَالَى عَنْ أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى مِنْ غير حاجة ضرورية ﴿إِسْرَافًا وَبِدَارًا﴾ أي مبادرة قَبْلَ بُلُوغِهِمْ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ﴾ عنه ولا يأكل منه شيئًا، وقال الشَّعْبِيُّ: هُوَ عَلَيْهِ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ،
1 / 358