220

مختصر تفسیر ابن کثیر

مختصر تفسير ابن كثير

خپرندوی

دار القرآن الكريم

د ایډیشن شمېره

السابعة

د چاپ کال

۱۴۰۲ ه.ق

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

تفسیر
روى الإمام أحمد عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ وابن عباس جالس معه محجن (عصا منعطفة الرأس) فَقَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، ولو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم، فَكَيْفَ بِمَنْ لَيْسَ لَهُ طَعَامٌ إِلَّا الزَّقُّومُ»!؟ (رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة)
وقال الإمام أحمد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ، قَالَ رسول الله ﷺ: «من أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَلْتُدْرِكْهُ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْتِي إِلَى النَّاسِ مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إليه». وفي الحديث الصحيح عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول: «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بالله ﷿» وعن أنَس قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مَرِيضًا فَجَاءَهُ النَّبِيُّ ﷺ يَعُودُهُ فَوَافَقَهُ فِي السُّوقِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: «كَيْفَ أَنْتَ يَا فُلَانُ»؟ قَالَ بِخَيْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْجُو اللَّهَ وَأَخَافُ ذُنُوبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عبدٍ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يخاف» (رواه الحافظ البزار والترمذي والنسائي).
وقوله تعالى: ﴿واعتصوموا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾ قِيلَ: ﴿بِحَبْلِ اللَّهِ﴾ أَيْ بِعَهْدِ اللَّهِ كَمَا قَالَ فِي الآية بعدها: ﴿ضربت عليه الذِّلَّةُ أَيْنَمَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ الناس﴾ أي بعهد وذمة، وقيل: ﴿بِحَبْلِ اللَّهِ﴾ يَعْنِي الْقُرْآنَ كَمَا فِي حَدِيثِ الْحَارِثِ الأوعور عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا فِي صِفَةِ الْقُرْآنِ: «هُوَ حبل الله المتين وصراطه المستقيم».
وروى ابن مردويه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ، وَهُوَ النُّورُ الْمُبِينُ، وَهُوَ الشِّفَاءُ النَّافِعُ، عِصْمَةٌ لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه».
وقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾ أَمَرَهُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَنَهَاهُمْ عَنِ التَّفْرِقَةِ، وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ الْمُتَعَدِّدَةُ بِالنَّهْيِ عَنِ التَّفَرُّقِ، وَالْأَمْرِ بِالِاجْتِمَاعِ وَالِائْتِلَافِ، كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا: يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ ولَّاه اللَّهُ أَمْرَكُمْ، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ".
وقوله تعالى: ﴿واذكروا نعمة الله عليكم إذا كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَهَذَا السِّيَاقُ فِي شَأْنِ الأوس والخزرج، فإنه قد كان بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَعَدَاوَةٌ شَدِيدَةٌ وضغائن وإحن، طَالَ بِسَبَبِهَا قِتَالُهُمْ وَالْوَقَائِعُ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ فَدَخَلَ فِيهِ مَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ صَارُوا إِخْوَانًا مُتَحَابِّينَ بِجَلَالِ اللَّهِ، مُتَوَاصِلِينَ فِي ذَاتِ اللَّهِ؛ مُتَعَاوِنِينَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّآ أَلَّفَتْ بَيْنَ قولبهم ولكن الله أَلَّفَ بينهم﴾ إلى آخر الآية. وَكَانُوا عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ بِسَبَبِ كفرهم فأنقذهم اللَّهُ مِنْهَا أَنْ هَدَاهُمْ لِلْإِيمَانِ. وَقَدِ امْتَنَّ عليهم

1 / 305