مختصر تفسیر ابن کثیر
مختصر تفسير ابن كثير
خپرندوی
دار القرآن الكريم
د ایډیشن شمېره
السابعة
د چاپ کال
۱۴۰۲ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
تفسیر
- ٢٧٦ - يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ
- ٢٧٧ - إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلَاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
يخبر تَعَالَى أَنَّهُ يَمْحَقُ الرِّبَا أَيْ يُذْهِبُهُ إِمَّا بِأَنْ يُذْهِبَهُ بِالْكُلِّيَّةِ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ، أَوْ يَحْرِمَهُ بَرَكَةَ مَالِهِ، فَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ بَلْ يعدمه بِهِ فِي الدُّنْيَا، وَيُعَاقِبُهُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الخبيث﴾ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ﴾، وقال: ﴿وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَاْ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾ الآية. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: فِي قَوْلِهِ: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا﴾ وَهَذَا نَظِيرُ الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: (الرِّبَا وَإِنْ كَثُرَ فَإِنَّ عَاقِبَتَهُ تَصِيرُ إِلَى قُلٍّ) وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ في مسنده عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ الرِّبَا وَإِنْ كَثُرَ فإن عاقبته تصير إلى قل»، وَهَذَا مِنْ بَابِ الْمُعَامَلَةِ بِنَقِيضِ الْمَقْصُودِ كَمَا قال ﷺ: «مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ ضَرَبَهُ اللَّهُ بالإفلاس والجذام».
وقوله تعالى: ﴿وَيُرْبِي الصدقات﴾ قرىء بِضَمِّ الْيَاءِ وَالتَّخْفِيفِ مِنْ رَبَا الشَّيْءُ يَرْبُو أي كثّره ونمّاه، وقرىء (يُربي) بالضم والتشديد من التربية. قال الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «من تصدق بعدل تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلا الطيب، فإن الله يتقبلها بيمنيه ثم يربّيها لصاحبها كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الجبل» (رواه البخاري في كتاب الزكاة وأخرجه مسلم بنحوه) وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ ﷿ يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ وَيَأْخُذُهَا بِيَمِينِهِ فَيُرَبِّيهَا لِأَحَدِكُمْ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ مُهْرَهُ أَوْ فَلُوَّهُ حَتَّى إِنَّ اللُّقْمَةَ لَتَصِيرُ مِثْلَ أُحد» وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: ﴿يَمْحَقُ الله الربا ويربي الصدقات﴾ (رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَصَدَّقَ مِنْ طَيِّبٍ يَقْبَلُهَا اللَّهُ مِنْهُ، فَيَأْخُذُهَا بِيَمِينِهِ وَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ مُهْرَهُ أَوْ فصيله، وإن الرجل ليتصدق باللقمة فتربوا فِي يَدِ اللَّهِ، أَوْ قَالَ: فِي كَفِّ الله، حتى تكون مثل أحد فتصدقوا" (رواه أحمد قال ابن كثير صحيح الإسناد ولكن لفظه عجيب) وعن عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: «إن الله يربي لِأَحَدِكُمُ التَّمْرَةَ وَاللُّقْمَةَ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى يكون مثل أحد» (رواه أحمد وقد تفرد به من هذا الوجه) وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ ⦗٢٤٩⦘ لَيَتَصَدَّقُ بِالصَّدَقَةِ مِنَ الْكَسْبِ الطَّيِّبِ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، فَيَتَلَقَّاهَا الرَّحْمَنُ بِيَدِهِ فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فلوه أو وصيفه» (رواه البزار عن أبي هريرة مرفوعًا).
وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾ أَيْ لَا يُحِبُّ كَفُورَ الْقَلْبِ، أَثِيمَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَلَا بُدَّ مِنْ مُنَاسَبَةٍ فِي خَتْمِ هَذِهِ الْآيَةِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَهِيَ أَنَّ الْمُرَابِيَ لَا يَرْضَى بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْحَلَالِ، ولا يكتفي بما شرع له من الكسب الْمُبَاحِ، فَهُوَ يَسْعَى فِي أَكْلِ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ بِأَنْوَاعِ الْمَكَاسِبِ الْخَبِيثَةِ، فَهُوَ جَحُودٌ لِمَا عَلَيْهِ مِنَ النِّعْمَةِ، ظَلُومٌ آثِمٌ بِأَكْلِ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مَادِحًا لِلْمُؤْمِنِينَ بِرَبِّهِمْ، الْمُطِيعِينَ أَمْرَهُ، الْمُؤَدِّينَ شُكْرَهُ، الْمُحْسِنِينَ إِلَى خَلْقِهِ فِي إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، مُخْبِرًا عَمَّا أَعَدَّ لَهُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ وَأَنَّهُمْ يَوْمَ القياة مِنَ التَّبِعَاتِ آمِنُونَ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلَاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.
1 / 248