مختصر تفسیر ابن کثیر
مختصر تفسير ابن كثير
خپرندوی
دار القرآن الكريم
د ایډیشن شمېره
السابعة
د چاپ کال
۱۴۰۲ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
تفسیر
- ١٦٥ - وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ
- ١٦٦ - إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ
- ١٦٧ - وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كما تبرأوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ
يُذْكُرُ تَعَالَى حَالَ الْمُشْرِكِينَ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُمْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، حَيْثُ جَعَلُوا لَهُ أَندَادًا أَيْ أَمْثَالًا وَنُظَرَاءَ، يَعْبُدُونَهُمْ مَعَهُ وَيُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّهِ، وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَلَا ضِدَّ لَهُ وَلَا نِدَّ لَهُ وَلَا شَرِيكَ مَعَهُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أيُّ الذنْب أَعْظَمُ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا هو خَلَقَكَ» وَقَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا للَّهِ﴾ وَلِحُبِّهِمْ لِلَّهِ وَتَمَامِ مَعْرِفَتِهِمْ بِهِ وَتَوْقِيرِهِمْ وَتَوْحِيدِهِمْ لَهُ لَا يُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئًا، بَلْ يَعْبُدُونَهُ وحده ويتوكلون عليه، ويلجأون فِي جَمِيعِ أُمُورِهِمْ إِلَيْهِ.
ثُمَّ تَوَعَّدَ تَعَالَى الْمُشْرِكِينَ بِهِ الظَّالِمِينَ لِأَنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ فَقَالَ: ﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ قَالَ بَعْضُهُمْ: تَقْدِيرُ الْكَلَامِ لَوْ عَايَنُوا الْعَذَابَ لَعَلِمُوا حينئذٍ أَنَّ الْقُوَّةَ للَّهِ جَمِيعًا، أَيْ إِنَّ الْحُكْمَ لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ تَحْتَ قَهْرِهِ وَغَلَبَتِهِ وَسُلْطَانِهِ، ﴿وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ﴾، كَمَا قَالَ: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ﴾ يقول: لو يعلمون مَا يُعَايِنُونَهُ هُنَالِكَ، وَمَا يَحِلُّ بِهِمْ مِنَ الْأَمْرِ الْفَظِيعِ، الْمُنْكَرِ الْهَائِلِ عَلَى شِرْكِهِمْ وَكُفْرِهِمْ، لا نتهوا عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الضَّلَالِ. ثُمَّ أَخْبَرَ عن كفرهم بأوثانهم، وتبري الْمَتْبُوعِينَ مِنَ التَّابِعَيْنِ فَقَالَ: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾، تَبَرَّأَتْ مِنْهُمُ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يعبدونهم في الدار الدُّنْيَا، فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: ﴿تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ﴾، وَيَقُولُونَ: ﴿سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الجن أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ﴾. وَالْجِنُّ أَيْضًا تَتَبَرَّأُ مِنْهُمْ وَيَتَنَصَّلُونَ مِنْ عِبَادَتِهِمْ لهم، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾ وقال تَعَالَى: ﴿كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا﴾
وَقَوْلُهُ: ﴿وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ﴾ أَيْ عَايَنُوا عَذَابَ اللَّهِ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْحِيَلُ وَأَسْبَابُ الْخَلَاصِ وَلَمْ يَجِدُوا عَنِ النَّارِ مَعْدِلًا وَلَا مصرفًا، قال ابن عباس: ﴿وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسباب﴾ المودة، وَقَوْلُهُ: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ ⦗١٤٩⦘ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كما تبرؤا مِنَّا﴾ أَيْ لَوْ أَنَّ لَنَا عَوْدَةً إِلَى الدَّارِ الدُّنْيَا، حَتَّى نَتَبَرَّأَ مِنْ هَؤُلَاءِ وَمِنْ عِبَادَتِهِمْ، فَلَا نَلْتَفِتُ إِلَيْهِمْ بَلْ نُوَحِّدُ اللَّهَ وَحْدَهُ بِالْعِبَادَةِ، وَهُمْ كَاذِبُونَ فِي هَذَا بَلْ لو رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ، كا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ الله أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ﴾ أي تذهب وتضمحل، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقَدِمْنَآ إِلَى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُورًا﴾، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ﴾ الآية. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظمآن ماء﴾ الآية. وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النار﴾
1 / 148