Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
خپرندوی
دار السلام للنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٦هـ
د خپرونکي ځای
الرياض
ژانرونه
انْصَرَفُوا عَنْ أُحُدٍ وَكَانُوا ثَلَاثَمِائَةٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ﴾ [آل عمران: ١٦٧] أَيْ: إِلَى الْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ ﴿مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ١٦٧] أَيْ: إِلَى الْإِيمَانِ، ﴿يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ﴾ [آل عمران: ١٦٧] يَعْنِي: كَلِمَةَ الْإِيمَانِ ﴿مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ﴾ [آل عمران: ١٦٧]
[١٦٨] ﴿الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ﴾ [آل عمران: ١٦٨] فِي النَّسَبِ لَا فِي الدِّينِ وهم شهداء أحد ﴿وَقَعَدُوا﴾ [آل عمران: ١٦٨] يَعْنِي: قَعَدَ هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ عَنِ الجهاد ﴿لَوْ أَطَاعُونَا﴾ [آل عمران: ١٦٨] وَانْصَرَفُوا عَنْ مُحَمَّدٍ ﷺ وَقَعَدُوا فِي بُيُوتِهِمْ ﴿مَا قُتِلُوا قُلْ﴾ [آل عمران: ١٦٨] لهم يا محمد، ﴿فَادْرَءُوا﴾ [آل عمران: ١٦٨] فَادْفَعُوا، ﴿عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران: ١٦٨] أن الحذر يُغْنِي عَنِ الْقَدَرِ.
[١٦٩] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا﴾ [آل عمران: ١٦٩] الْآيَةَ، قِيلَ: نَزَلَتْ فِي شُهَدَاءِ بَدْرٍ وَكَانُوا أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا ثَمَانِيَةً مِنَ الْأَنْصَارِ وَسِتَّةً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَقَالَ الْآخَرُونَ: نَزَلَتْ فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ وَكَانُوا سَبْعِينَ رَجُلًا، وَقَالَ قَوْمٌ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ لمحي شهداء بئر معونة، وَقِيلَ: إِنَّ أَوْلِيَاءَ الشُّهَدَاءَ كَانُوا أَصَابَتْهُمْ نِعْمَةٌ تَحَسَّرُوا عَلَى الشُّهَدَاءِ، وَقَالُوا: نَحْنُ فِي النِّعْمَةِ وَآبَاؤُنَا وَأَبْنَاؤُنَا وَإِخْوَانُنَا فِي الْقُبُورِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى تَنْفِيسًا عَنْهُمْ وَإِخْبَارًا عَنْ حَالِ قَتْلَاهُمْ: (وَلَا تَحْسَبَنَّ) وَلَا تَظُنَّنَّ (الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ (قُتِّلُوا) بِالتَّشْدِيدِ، وَالْآخَرُونَ بِالتَّخْفِيفِ (أَمْوَاتًا) كَأَمْوَاتِ مَنْ لَمْ يُقْتَلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [آل عمران: ١٦٩] قِيلَ: أَحْيَاءٌ فِي الدِّينِ، وَقِيلَ: فِي الذِّكْرِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ يُرْزَقُونَ وَيَأْكُلُونَ وَيَتَمَتَّعُونَ كَالْأَحْيَاءِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ أَرْوَاحَهُمْ تَرْكَعُ وَتَسْجُدُ كُلَّ لَيْلَةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ الشَّهِيدَ لَا يَبْلَى فِي الْقَبْرِ، وَلَا تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ، ﴿يُرْزَقُونَ﴾ [آل عمران: ١٦٩] مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ وَتُحَفِهَا.
[١٧٠] ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [آل عمران: ١٧٠] رزقه وثوابه، ﴿وَيَسْتَبْشِرُونَ﴾ [آل عمران: ١٧٠] وَيَفْرَحُونَ، ﴿بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ﴾ [آل عمران: ١٧٠] مِنْ إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ تَرَكُوهُمْ أَحْيَاءً فِي الدُّنْيَا عَلَى مَنَاهِجِ الْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ لِعِلْمِهِمْ أَنَّهُمْ إِذَا اسْتُشْهِدُوا وَلَحِقُوا بِهِمْ وَنَالُوا مِنَ الْكَرَامَةِ مَا نَالُوا، فَهُمْ لِذَلِكَ مُسْتَبْشِرُونَ، ﴿أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [آل عمران: ١٧٠]
[١٧١] ﴿يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ﴾ [آل عمران: ١٧١] أَيْ: وَبِأَنَّ اللَّهَ، وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ بِكَسْرِ الْأَلْفِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، ﴿لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٧١]
[١٧٢] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [آل عمران: ١٧٢] أَيْ أَجَابُوا، وَمَحَلُّ (الَّذِينَ) خَفْضٌ عَلَى صِفَةِ الْمُؤْمِنِينَ تَقْدِيرُهُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ المستجيبين الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ، ﴿مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ﴾ [آل عمران: ١٧٢] أي: نالهم الجرح في أحد، وَتَمَّ الْكَلَامُ هَاهُنَا ثُمَّ ابْتَدَأَ فقال: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ﴾ [آل عمران: ١٧٢] بِطَاعَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَإِجَابَتِهِ إِلَى
1 / 156