Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
خپرندوی
دار السلام للنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٦هـ
د خپرونکي ځای
الرياض
ژانرونه
فُلَانٌ الضَّيْعَةَ يَرُبُّهَا إِذَا أَتَمَّهَا وأصلحها، فَاللَّهُ تَعَالَى مَالِكُ الْعَالَمِينَ وَمُرَبِّيهِمْ، وَلَا يُقَالُ لِلْمَخْلُوقِ: هُوَ الرَّبُّ مُعَرَّفًا، إِنَّمَا يُقَالُ: ربِّ كَذَا مُضَافًا، لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِلتَّعْمِيمِ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الْكُلَّ.
وَالْعَالَمِينَ: جمع عالم والعالم جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَالَمِينَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمُ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ، لأنهم مكلفون بِالْخِطَابِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الْفُرْقَانِ: ١] وَقَالَ قَتَادَةُ ومجاهد والحسن: جميع المخلوقين، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ - قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ [الشعراء: ٢٣ - ٢٤]
[قوله تعالى مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ]
[٤] قوله: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: ٤] قَرَأَ عَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ ﴿مَالِكِ﴾ [الفاتحة: ٤] وَقَرَأَ الْآخَرُونَ " مَلِكِ " قَالَ قَوْمٌ: مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ مِثْلَ فَرِهِينَ وَفَارِهِينَ وَحَذِرِينَ وَحَاذِرِينَ، وَمَعْنَاهُمَا الرَّبُّ، يُقَالُ: رَبُّ الدَّارِ وَمَالِكُهَا، وَقِيلَ: الْمَالِكُ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى اخْتِرَاعِ الْأَعْيَانِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ غَيْرُ اللَّهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٌ وَالسُّدِّيُّ: مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ قَاضِي يَوْمِ الْحِسَابِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: الدِّينُ الْجَزَاءُ، وَيَقَعُ عَلَى الْجَزَاءِ فِي الْخَيْرِ والشر جميعًا، كما يُقَالُ: كَمَا تَدِينُ تُدَانُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: مَلِكُ يَوْمٍ لَا يَنْفَعُ فِيهِ إِلَّا الدِّينُ، وَقَالَ يَمَانُ بْنُ رَبَابٍ: الدِّينُ الْقَهْرُ، يُقَالُ: دِنْتُهُ فَدَانَ، أَيْ: قَهَرَتْهُ فَذَلَّ، وَقِيلَ: الدِّينُ الطَّاعَةُ، أَيْ: يَوْمَ الطَّاعَةِ، وَإِنَّمَا خَصَّ يَوْمَ الدِّينِ بِالذِّكْرِ مَعَ كَوْنِهِ مَالِكًا لِلْأَيَّامِ كُلِّهَا لِأَنَّ الْأَمْلَاكَ يَوْمَئِذٍ زَائِلَةٌ فَلَا مُلْكَ وَلَا أَمْرَ إِلَّا لَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ﴾ [الفرقان: ٢٦]
[قوله تعالى إياك نعبد وإياك نستعين]
[٥] قوله: ﴿إِيَّاكَ﴾ [الفاتحة: ٥] إِيَّا كَلِمَةُ ضَمِيرٍ خُصَّتْ بِالْإِضَافَةِ إلى المضمر.
قوله: ﴿نَعْبُدُ﴾ [الفاتحة: ٥] أَيْ: نُوَحِّدُكَ وَنُطِيعُكَ خَاضِعِينَ، وَالْعِبَادَةُ الطَّاعَةُ مَعَ التَّذَلُّلِ وَالْخُضُوعِ، وَسُمِّيَ الْعَبْدُ عَبْدًا لِذِلَّتِهِ وَانْقِيَادِهِ يُقَالُ: طَرِيقٌ مُعَبَّدٌ أَيْ: مُذَلَّلٌ، ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: ٥] نَطْلُبُ مِنْكَ الْمَعُونَةَ عَلَى عِبَادَتِكَ وعلى جميع أمورنا.
[قوله تعالى اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ]
[٦] قوله: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: ٦] اهْدِنَا: أَرْشِدْنَا، وَقَالَ عَلِيٌّ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: ثَبِّتْنَا، كَمَا يُقَالُ لِلْقَائِمِ: قُمْ حَتَّى أَعُودَ إِلَيْكَ، أَيْ: دُمْ عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ، وَهَذَا الدُّعَاءُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ كَوْنِهِمْ عَلَى الْهِدَايَةِ، بِمَعْنَى التَّثْبِيتِ وَبِمَعْنَى طَلَبِ مَزِيدِ الْهِدَايَةِ، لِأَنَّ الْأَلْطَافَ وَالْهِدَايَاتِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَتَنَاهَى عَلَى مَذْهَبِ أهل السنة.
﴿الصِّرَاطَ﴾ [الفاتحة: ٦] وصراط قرئ بالسين وَهُوَ الْأَصْلُ، سُمِّيَ سِرَاطًا لِأَنَّهُ يَسْرُطُ السَّابِلَةَ، وَيُقْرَأُ بِالزَّايِ وَقَرَأَ حَمْزَةُ بِإِشْمَامِ الزَّايِ وَكُلُّهَا لُغَاتٌ صَحِيحَةٌ، وَالِاخْتِيَارُ الصَّادُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْقُرَّاءِ لِمُوَافَقَةِ الْمُصْحَفِ.
وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ: قال ابن عباس وجابر: هُوَ
1 / 14