Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
خپرندوی
دار السلام للنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٦هـ
د خپرونکي ځای
الرياض
ژانرونه
وعده ﴿أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٨٠] ثم قال:
[قوله تعالى بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ] فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
[٨١] ﴿بَلَى﴾ [البقرة: ٨١] وبلى وبل: حَرْفَا اسْتِدْرَاكٍ، وَمَعْنَاهُمَا نَفْيُ الْخَبَرِ الْمَاضِي وَإِثْبَاتُ الْخَبَرِ الْمُسْتَقْبَلِ، ﴿مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً﴾ [البقرة: ٨١] يَعْنِي الشِّرْكَ ﴿وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ﴾ [البقرة: ٨١] وَالْإِحَاطَةُ: الْإِحْدَاقُ بِالشَّيْءِ مِنْ جَمِيعِ نَوَاحِيهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ وَالضَّحَّاكُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ وَجَمَاعَةٌ: هِيَ الشِّرْكُ يَمُوتُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: السَّيِّئَةُ الْكَبِيرَةُ وَالْإِحَاطَةُ بِهِ أَنْ يُصِرَّ عَلَيْهَا فَيَمُوتُ غَيْرَ تَائِبٍ قاله عكرمة والربيع بن خيثم، قال الواحدي ﵀ في تفسيره الوسيط: المؤمنون لا يدخلون في حكم هذه الآية لأن الله تعالى أوعد بالخلود في النار من أحاطت به خطيئته، وتقدمت منه سيئة وهي الشرك والمؤمن وإن عمل الكبائر لم يوجد منه الشرك، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ الذُّنُوبُ تُحِيطُ بالقلب كلما عمل ذنبًا ارتفعت حتى يغشى القلب، وهي الرين ﴿فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٨١]
[٨٢] ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٨٢]
[٨٣] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [البقرة: ٨٣] فِي التَّوْرَاةِ وَالْمِيثَاقُ الْعَهْدُ الشَّدِيدُ، ﴿لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ﴾ [البقرة: ٨٣] أي: وصيناهم بالوالدين، ﴿إِحْسَانًا﴾ [البقرة: ٨٣] بِرًّا بِهِمَا وَعَطْفًا عَلَيْهِمَا وَنُزُولًا عِنْدَ أَمْرِهِمَا فِيمَا لَا يُخَالِفُ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى، ﴿وَذِي الْقُرْبَى﴾ [البقرة: ٨٣] أَيْ: وَبِذِي الْقَرَابَةِ، وَالْقُرْبَى مَصْدَرٌ كالحسنى، ﴿وَالْيَتَامَى﴾ [البقرة: ٨٣] جَمْعُ يَتِيمٍ وَهُوَ الطِّفْلُ الَّذِي لا أب له ﴿وَالْمَسَاكِينِ﴾ [البقرة: ٨٣] يَعْنِي الْفُقَرَاءَ، ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: ٨٣] صِدْقًا وَحَقًّا فِي شَأْنِ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَمَنْ سَأَلَكُمْ عَنْهُ فَاصْدُقُوهُ وَبَيِّنُوا صِفَتَهُ لا تكتموا أمره، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: مُرُوهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَقِيلَ: هُوَ اللِّينُ فِي الْقَوْلِ وَالْمُعَاشَرَةُ بِحُسْنِ الخلق، قرأ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ (حَسنًا) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالسِّينِ، أَيْ: قَوْلًا حَسَنًا ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ﴾ [البقرة: ٨٣] أَعْرَضْتُمْ عَنِ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، ﴿إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ﴾ [البقرة: ٨٣] وَذَلِكَ أَنَّ قَوْمًا مِنْهُمْ آمَنُوا، ﴿وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [البقرة: ٨٣] كإعراض آبائكم.
[٨٤] قَوْلُهُ ﷿: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ﴾ [البقرة: ٨٤] أي: لا تريقون ﴿دِمَاءَكُمْ﴾ [البقرة: ٨٤] أَيْ: لَا يَسْفِكُ بَعْضُكُمْ دَمَ بَعْضٍ، وَقِيلَ: لَا تَسْفِكُوا دِمَاءَ غيركم فيسفك دِمَاءَكُمْ فَكَأَنَّكُمْ سَفَكْتُمْ دِمَاءَ أَنْفُسِكُمْ، ﴿وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ﴾ [البقرة: ٨٤] لَا يُخرج بَعْضُكُمْ بَعْضًا مِنْ دَارِهِ، وَقِيلَ: لَا تُسِيئُوا جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكُمْ فَتُلْجِئُوهُمْ إِلَى الْخُرُوجِ بسوء جواركم، ﴿ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ﴾ [البقرة: ٨٤] بِهَذَا الْعَهْدِ أَنَّهُ حَقٌّ وَقَبِلْتُمْ، ﴿وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ [البقرة: ٨٤] الْيَوْمَ عَلَى ذَلِكَ يَا مَعْشَرَ اليهود وتعترفون بِالْقَبُولِ.
[٨٥] قَوْلُهُ ﷿: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ﴾ [البقرة: ٨٥] يَعْنِي: يَا هَؤُلَاءِ، وَهَؤُلَاءِ لِلتَّنْبِيهِ، ﴿تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ٨٥] أَيْ يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، ﴿وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ﴾ [البقرة: ٨٥] تتظاهرون والظهير: العون ﴿بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [البقرة: ٨٥] بالمعصية والظلم، ﴿وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى﴾ [البقرة: ٨٥] قرأ حَمْزَةُ (أَسْرَى)، وَهُمَا جَمْعُ أَسِيرٍ، وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، (تَفْدُوهُمْ): بِالْمَالِ وَتُنْقِذُوهُمْ، وقرأ أهل المدينة وعاصم ﴿تُفَادُوهُمْ﴾ [البقرة: ٨٥] أَيْ: تُبَادِلُوهُمْ، أَرَادَ مُفَادَاةَ الْأَسِيرِ بِالْأَسِيرِ، وَقِيلَ: مَعْنَى الْقِرَاءَتَيْنِ وَاحِدٌ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: قَالَ السُّدِّيُّ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخَذَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي التَّوْرَاةِ أَنْ لَا يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَلَا يُخرج بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنْ دِيَارِهِمْ، وَأَيُّمَا عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ وَجَدْتُمُوهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَاشْتَرُوهُ بِمَا قَامَ من ثمنه وأعتقوه، وكانت قُرَيْظَةُ حُلَفَاءَ الْأَوْسِ وَالنَّضِيرُ حُلَفَاءَ الْخَزْرَجِ، وَكَانُوا يَقْتَتِلُونَ فِي حَرْبٍ سنين، فيقاتل بنو قريظة مع حلفائهم وبنو النضير مع حلفائهم وإذا غلبوا خرّبوا دِيَارَهُمْ وَأَخْرَجُوهُمْ
1 / 39