مختصر صفت صفوه
مختصر صفة الصفوة لابن الجوزى
ژانرونه
قال: وهبط واديا يقال له وادي السباع وفي الوادي عابد حبشي يقال له حممة. فانفرد عامر في ناحية يصليان، لا هذا ينصرف إلى هذا، ولا هذا ينصرف إلى هذا، أربعين يوما وأربعين ليلة. إذا جاء وقت الفريضة صليا ثم أقبلا يتطوعان. ثم انصرف عامر بعد أربعين يوما إلى حممة فقال: من أنت يرحمك الله? فقال: دعني وهمي. قال: أقسمت عليك. قال: أنا حممة. قال عامر: لئن كنت أنت حممة الذي ذكر لي لأنت أعبد من في الأرض، فأخبرني عن أفضل خصلة. قال: إني لمقصر ولولا مواقيت الصلاة تقطع علي القيام والسجود لأحببت أن أجعل عمري راكعا، ووجهي مفترشا حتى ألقاه، ولكن الفرائض لا تدعني أفعل ذلك فمن أنت يرحمك الله? قال: أنا عامر بن عبد قيس. قال: إن كنت عامرا الذي ذكر لي فأنت أعبد الناس. فأخبرني بأفضل خصلة قال: إني لمقصر ولكن واحدة عظمت هيبة الله في صدري حتى ما أهاب شيئا غيره.
واكتنفه السباع فأتاه منها فوثب عليه من خلفه فوضع يديه على منكبيه وعامر يتلو هذه الآية ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود سورة هود آية 103. فلما رأى السبع أنه لا يكترث له ذهب. فقال حممة: وبالله يا عامر ما هالك ما رأيت? قال: إني لأستحيي من الله عز وجل أن أهاب شيئا غيره.
قال حممة: لولا أن الله تعالى ابتلانا بالبطن فإذا أكلنا لا بد لنا من الحدث ما رآني ربي إلا راكعا أو ساجدا.
وكان يصلي في اليوم والليلة ثمان مائة ركعة. وكان يقول: إني لمقصر في العبادة وكان يعاتب نفسه.
عن عامر بن عبد قيس أنه مر بقافلة قد حبسهم الأسد من بين أيديهم على طريقهم، فلما جاء عامر نزل عن دابته فقالوا: يا أبا عبد الله إنا نخاف عليك من الأسد. فقال: إنما هو كل من كلاب الله عز وجل، إن شاء أن يسلطه سلطه وإن شاء أن يكفه كفه. فمشى إليه حتى أخذ بيديه أذني الأسد فنحاه على الطريق وجازت القافلة. وقال إني لأستحيي من ربي تبارك وتعالى أن يرى في قلبي أني أخاف من غيره.
مخ ۲۶۶