لنډه د مرسله صواعقو په جهمیانو او معطله باندی
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
ایډیټر
سيد إبراهيم
خپرندوی
دار الحديث
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
د خپرونکي ځای
القاهرة - مصر
ژانرونه
فَانْظُرْ هَذَا الْجُزْءَ اللَّطِيفَ جِدًّا كَيْفَ غَلَبَ تِلْكَ الْأَسْبَابَ الْكَثِيرَةَ الْقَوِيَّةَ وَأَبْطَلَهَا وَعَادَ الْحُكْمُ لَهُ، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ " «أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا مَنْ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ» ".
وَلَكِنَّ هَذَا إِخْرَاجٌ مِنْهَا وَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَنَارِيَّتِهَا، فَأُخْرِجَ مِنْهَا بِهَذَا الْجُزْءِ الْيَسِيرِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَعْدَاءَهُ الْمُشْرِكِينَ لَنْ تَخْلُوَ قُلُوبُهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ [يوسف: ١٠٦] فَأَثْبَتَ لَهُمْ إِيمَانًا مَعَ الشِّرْكِ، وَهَذَا الْإِيمَانُ وَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي إِخْرَاجِهِمْ مِنَ النَّارِ، كَمَا أَثَّرَ إِيمَانُ أَهْلِ التَّوْحِيدِ، بَلْ كَانُوا مَعَهُ خَالِدِينَ فِيهَا بِشِرْكِهِمْ وَكُفْرِهِمْ، فَإِنَّ النَّارَ إِنَّمَا سَعَّرَهَا عَلَيْهِمُ الشِّرْكُ وَالظُّلْمُ، فَلَا يَمْتَنِعُ فِي الرَّحْمَةِ وَالْعَدْلِ أَنْ يُطْفِئَهَا وَيُذْهِبَهَا بَعْدَ أَخْذِ الْحَقِّ مِنْهُمْ، فَيَجْتَمِعُ ضَعْفُ أَسْبَابِ تَسْعِيرِهَا وَقُوَّةُ أَسْبَابِ زَوَالِهَا، فَهَذَا غَيْرُ مُمْتَنَعٍ فِي الْحِكْمَةِ الْإِلَهِيَّةِ، وَلَمْ يُخْبِرِ الرَّسُولُ بِامْتِنَاعِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ.
وَلَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ نَقْلٌ وَلَا عَقْلٌ، بَلِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ النَّقْلُ وَالْإِجْمَاعُ أَنَّهُمْ خَالِدُونَ فِيهَا أَبَدًا، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِخَارِجِينَ مِنْهَا، وَلَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا الشَّأْنُ فِي أَمْرٍ آخَرَ.
الْوَجْهُ الْعَاشِرُ: أَنَّ أَسْبَابَ الْعَذَابِ مِنَ النَّفْسِ وَغَايَاتِهَا اتِّبَاعُ أَهْوَائِهَا، وَأَمَّا أَسْبَابُ الْخَيْرِ فَمِنْ رَبِّهَا وَفَاطِرِهَا، وَهُوَ الْغَايَةُ وَالْمَقْصُودُ بِهَا، فَهِيَ بِهِ وَلَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ [النساء: ٧٩] فَالْحَسَنَاتُ مَصْدَرُهَا مِنَ اللَّهِ وَغَايَتُهَا مُنْتَهِيَةٌ إِلَيْهِ، وَالسَّيِّئَاتُ مِنَ النَّفْسِ وَهِيَ غَايَتُهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [النحل: ٥٣] فَلَيْسَ لِلْحَسَنَاتِ سَبَبٌ إِلَّا مُجَرَّدَ فَضْلِ اللَّهِ وَمِنَّتِهِ، وَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ وَإِنْ كَانَتْ أَسْبَابَ النِّعَمِ وَالْخَيْرَاتِ فَمَنْ وَفَّقَهُ لَهَا وَأَعَانَهُ عَلَيْهَا وَشَاءَهَا لَهُ سِوَاهُ؟ فَالنِّعَمُ وَأَسْبَابُهَا مِنَ اللَّهِ، وَأَمَّا السَّيِّئَاتُ الَّتِي أَسْلَفَهَا الْعَبْدُ فَمِنْ نَفْسِهِ، وَسَبَبُهَا جَهْلُهُ وَظُلْمُهُ، فَإِذَا تَرَتَّبَتْ عَلَيْهَا سَيِّئَاتُ الْجَزَاءِ كَانَ السَّبَبُ وَالْمُسَبِّبُ مِنْ نَفْسِهِ،
1 / 270