201

لنډه د مرسله صواعقو په جهمیانو او معطله باندی

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

پوهندوی

سيد إبراهيم

خپرندوی

دار الحديث

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

د خپرونکي ځای

القاهرة - مصر

ژانرونه

وَالسُّفْلِيِّ، مِنْ غَيْرِ اكْتِرَاثٍ وَلَا مَشَقَّةٍ وَتَعَبٍ، ثُمَّ خَتَمَ الْآيَةَ بِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ الْجَلِيلَيْنِ الدَّالَّيْنِ عَلَى عُلُوِّ ذَاتِهِ وَعَظَمَتِهِ فِي نَفْسِهِ.
وَقَالَ فِي سُورَةِ طَهَ: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ [طه: ١١٠] وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مُفَسِّرِ الضَّمِيرِ فِي (بِهِ) فَقِيلَ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، أَيْ: وَلَا يُحِيطُونَ بِاللَّهِ عِلْمًا، وَقِيلَ هُوَ: ﴿مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ [طه: ١١٠] فَعَلَى الثَّانِي يَرْجِعُ إِلَى الْمَعْلُومِ، وَهَذَا الْقَوْلُ يَسْتَلْزِمُ الْأَوَّلَ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، لِأَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يُحِيطُوا بِبَعْضِ مَعْلُومَاتِهِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِمْ، فَإِنَّ لَا يُحِيطُونَ عِلْمًا بِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى.
كَذَلِكَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥] يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى اللَّهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى ﴿مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ [طه: ١١٠] وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ إِلَّا مَا شَاءَ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الْمُصْدَرُ مُضَافًا إِلَى الْفَاعِلِ، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مُضَافًا إِلَى الْمَفْعُولِ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ إِنَّمَا يُرِيدُ بِهِ اتِّصَافَهُ بِالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْمُلْكِ، وَمَوَاضِعِ ذَلِكَ كَانَ تَكْرِيرًا، فَإِنَّ ذِكْرَ ذَلِكَ مُفَصَّلًا أَبْلَغُ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ بِمَا لَا يُفْهَمُ إِلَّا بِكُلْفَةٍ، وَكَذَلِكَ إِذَا قِيلَ: إِنَّ عُلُوَّهُ مُجَرَّدُ كَوْنِهِ أَعْظَمَ مِنْ مَخْلُوقَاتٍ وَأَفْضَلَ مِنْهَا، فَهَذَا هَضْمٌ عَظِيمٌ لِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ الْعَظِيمَتَيْنِ، وَهَذَا لَا يَلِيقُ وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُذْكَرَ وَيُخْبَرَ بِهِ عَنْهُ إِلَّا فِي مَعْرِضِ الرَّدِّ لِمَنْ سَاوَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِي الْعِبَادَةِ وَالتَّأَلُّهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [النمل: ٥٩] وَقَوْلِ يُوسُفَ الصِّدِّيقِ: ﴿أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [يوسف: ٣٩] فَهَذَا السِّيَاقُ يُقَالُ فِي مِثْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ خَيْرٌ مِمَّا سِوَاهُ، وَأَمَّا بَعْدَ أَنْ يُذْكَرَ مَالِكُ الْكَائِنَاتِ وَيُقَالُ مَعَ ذَلِكَ إِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ، وَأَعْظَمُ مِنْ مَصْنُوعَاتِهِ، فَهَذَا يُنَزَّهُ عَنْهُ كَلَامُهُ، وَإِنَّمَا يَلِيقُ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَثَلَ السَّوْءِ فِي كَلَامِهِ، وَيَجْعَلُونَ ظَاهِرَهُ كُفْرًا تَارَةً، وَضَلَالَةً أُخْرَى، وَتَارَةً تَجْسِيمًا وَتَشْبِيهًا، وَيَقُولُونَ فِيهِ مَا لَا يَرْضَى أَحَدُنَا أَنْ يَقُولَهُ فِي كَلَامِهِ.

1 / 216