193

لنډه د مرسله صواعقو په جهمیانو او معطله باندی

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

پوهندوی

سيد إبراهيم

خپرندوی

دار الحديث

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

د خپرونکي ځای

القاهرة - مصر

ژانرونه

فِي ذَاتِ اللَّهِ ; حَتَّى ابْنَ سِينَا قَالَ: إِنَّ تِلْكَ الصِّفَةَ إِذَا كَانَتْ غَيْرَ دَاخِلَةٍ فِي الذَّاتِ كَانَتْ مِنْ لَوَازِمِ الذَّاتِ، وَمَنْ كَانَ هَذَا مَذْهَبًا لَهُ، كَيْفَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُنْكِرَ الصِّفَاتِ؟ قَالَ: وَفِي الْجُمْلَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصِّفَاتِيَّةِ وَبَيْنَ الْفَلَاسِفَةِ، لِأَنَّ الصِّفَاتِيَّةَ يَقُولُونَ: إِنَّ الصِّفَاتِ قَائِمَةٌ بِالذَّاتِ، وَالْفَلَاسِفَةُ يَقُولُونَ: هَذِهِ الصِّفَاتُ صُوَرٌ عَقْلِيَّةٌ عَوَارِضُ مُتَقَوِّمَةٌ بِالذَّاتِ، وَالَّذِي يُسَمِّيهِ الصِّفَاتِيُّ صِفَةً يُسَمِّيهِ الْفَلْسَفِيُّ عَارِضًا، وَالَّذِي يُسَمِّيهِ الصِّفَاتِيُّ قِيَامًا يُسَمِّيهِ الْفَيْلَسُوفُ قَوَّامًا وَمُقَوِّمًا، وَلَا فَرْقَ إِلَّا فِي الْعِبَارَاتِ، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى، هَذَا لَفْظُهُ.
فَيَقُولُ لَهُ مُثْبِتُو الْعُلُوِّ: هَلَّا قَنَعْتَ مِنَّا بِهَذَا الْجَوَابِ بِعَيْنِهِ حَتَّى قُلْتَ: يَلْزَمُ مِنْ عُلُوِّهِ أَنْ يَتَمَيَّزَ مِنْهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ، وَيَلْزَمُ وُقُوعُ الْكَثْرَةِ فِي الْحَقِيقَةِ الْإِلَهِيَّةِ، وَتَكُونُ قَدْ وَافَقَتِ السَّمْعَ وَنُصُوصَ الْأَنْبِيَاءِ وَكُتُبَ اللَّهِ كُلَّهَا وَأَدِلَّةَ الْعُقُولِ وَالْفِطَرَ الصَّحِيحَةَ وَإِجْمَاعَ أَهْلِ السُّنَّةِ قَاطِبَةً؟
فَصْلٌ: هَذِهِ الْحُجَّةُ الْعَقْلِيَّةُ الْقَطْعِيَّةُ وَهِيَ الِاحْتِجَاجُ بِكَوْنِ الرَّبِّ قَائِمًا بِنَفْسِهِ كَوْنُهُ مُبَايِنًا لِلْعَالَمِ، وَذَلِكَ مَلْزُومٌ لِكَوْنِهِ فَوْقَهُ عَالِيًا عَلَيْهِ بِالذَّاتِ، لَمَّا كَانَتْ حُجَّةً صَحِيحَةً لَا يُمْكِنُ مُدَافَعَتُهَا، وَكَانَتْ مِمَّا نَاظَرَ بِهَا الْكَرَّامِيَّةُ أَبَا إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَائِينِيَّ أَبُو إِسْحَاقَ إِلَى كَوْنِ الرَّبِّ قَائِمًا بِنَفْسِهِ بِالْمَعْنَى الْمَعْقُولِ، وَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ إِلَّا بِمَعْنَى أَنَّهُ غَنِيٌّ مِنَ الْمَحَلِّ، فَجَعَلَ قِيَامَهُ بِنَفْسِهِ وَصْفًا عَدَمِيًّا لَا ثُبُوتِيًّا، وَهَذَا لَازِمٌ لِسَائِرِ الْمُعَطِّلَةِ النُّفَاةِ لِعُلُوِّهِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ قَائِمًا بِنَفْسِهِ أَبْلَغُ مِنْ كَوْنِهِ قَائِمًا بِغَيْرِهِ، وَإِذَا كَانَ قِيَامُ الْعَرَضِ بِغَيْرِهِ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا عَدَمِيًّا بَلْ وُجُودِيًّا، فَقِيَامُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ أَحَقُّ أَلَّا يَكُونَ أَمْرًا عَدَمِيًّا بَلْ وُجُودِيًّا، وَإِذَا كَانَ قِيَامُ الْمَخْلُوقِ بِنَفْسِهِ صِفَةَ كَمَالٍ وَهُوَ مُفْتَقِرٌ بِالذَّاتِ إِلَى غَيْرِهِ فَقِيَامُ الْغَنِيِّ بِذَاتِهِ بِنَفْسِهِ أَحَقُّ وَأَوْلَى.

1 / 208