Mukhtasar Minhaj as-Sunnah an-Nabawiyyah
مختصر منهاج السنة النبوية
خپرندوی
دار الصديق للنشر والتوزيع، صنعاء - الجمهورية اليمنية
د ایډیشن شمېره
الثانية، 1426 هـ - 2005 م
تعرف جهل النصراني وأنه لا حجة له فقدر المناظرة بينه وبين اليهود.
فإن النصراني لا يمكنه أن يجيب عن شبهة اليهودي (1) إلا بما يجيب به المسلم، فإن لم يدخل في دين الإسلام وإلا كان منقطعا مع اليهودي، فإنه إذا أمر بالإيمان بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم.
فإن قدح في نبوته بشيء من الأشياء، لم يمكنه أن يقول شيئا إلا قال اليهودي في المسيح ما هو أعظم من ذلك، فإن البينات لمحمد أعظم من البينات للمسيح.
وبعد أمره عن الشبهة، أعظم من بعد المسيح عن الشبهة، فإن جاز القدح فيما دليله أعظم وشبهته أبعد عن الحق، فالقدح فيما دونه أولى.
وإن كان القدح في المسيح باطلا فالقدح في محمد أولى بالبطلان، فإنه إذا بطلت الشبهة القوية فالضعيفة أولى بالبطلان، وإذا ثبتت الحجة التي غيرها أقوى منها فالقوية أولى بالإثبات.
ولهذا كان مناظرة كثير من المسلمين للنصارى من هذا الباب كالحكاية المعروفة عن القاضي أبي بكر بن الطيب، لما أرسله المسلمون إلى ملك النصارى بالقسطنطينية، فإنهم عظموه، وعرف النصارى قدره، فخافوا أن لا يسجد للملك إذا دخل، فأدخلوه من باب صغير ليدخل منحنيا، ففطن لمكرهم، فدخل مستدبرا متلقيا لهم بعجزه.
ففعل نقيض ما قصدوه، ولما جلس وكلموه، أراد بعضهم القدح في المسلمين، فقال له ما قيل في عائشة امرأة نبيكم، يريد إظهار قول الإفك الذي يقوله من يقول من الرافضة، أيضا.
فقال القاضي ثنتان قدح فيهما ورميتا بالزنا إفكا وكذبا، مريم وعائشة فأما مريم فجاءت بالولد تحمله من غير زوج، وأما عائشة فلم تأت بولد مع أنه كان لها زوج، فأبهت النصارى.
وكان مضمون كلامه أن ظهور براءة عائشة أعظم من ظهور براءة مريم، وأن الشبهة إلى مريم أقرب منها إلى عائشة، فإذا كان مع هذا قد ثبت كذب القادحين في مريم، فثبوت قدح الكاذبين في عائشة أولى.
مخ ۸۷