Mukhtasar Minhaj as-Sunnah an-Nabawiyyah
مختصر منهاج السنة النبوية
خپرندوی
دار الصديق للنشر والتوزيع، صنعاء - الجمهورية اليمنية
د ایډیشن شمېره
الثانية، 1426 هـ - 2005 م
(الوجه الثاني) : في بيان كذبه وتحريفه فيما نقله عن حال الصحابة بعد موت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم.
(قوله: فبعضهم طلب الأمر لنفسه بغير حق، وبايعه أكثر الناس طلبا للدنيا) .
وهذا إشارة إلى أبي بكر فإنه هو الذي بايعه أكثر الناس، ومن المعلوم أن أبا بكر لم يطلب الأمر لنفسه، لا بحق ولا بغير حق، بل قال: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين، إما عمر بن الخطاب وإما أبا عبيدة.
قال عمر: فوالله لأن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر، وهذا اللفظ في الصحيحين (1) .
وقد روى عنه أنه قال: أقيلوني، أقيلوني، فالمسلمون اختاروه وبايعوه، لعلمهم بأنه خيرهم، كما قال له عمر يوم السقيفة بمحضر المهاجرين والأنصار أنت سيدنا وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولم ينكر ذلك أحد، وهذا أيضا في الصحيحين (2) .
والمسلمون اختاروه كما قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في الحديث الصحيح لعائشة: ((ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا، لا يختلف عليه الناس من بعدي، ثم قال يأبى الله والمؤمنون أن يتولى غير أبي بكر)) (3) فالله هو ولاه قدرا، وشرعا، وأمر المؤمنين، بولايته، وهداهم إلى أن ولوه من غير أن يكون طلب، ذلك لنفسه.
(الوجه الثالث) : أن يقال فهب أنه طلبها وبايعه أكثر الناس فقولكم: إن ذلك طلب للدنيا كذب ظاهر.
فإن أبا بكر لم يعطهم دنيا، وكان قد أنفق ماله في حياة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ولما رغب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في الصدقة جاء بماله كله، فقال له: ((ما تركت لأهلك. قال: تركت لهم الله، ورسوله)) (4)
والذين بايعوه هم أزهد الناس في الدنيا، وهم الذين أثنى الله عليهم.
وقد علم الخاص والعام زهد عمر، وأبي عبيدة، وأمثالهما، وإنفاق الأنصار أموالهم كأسيد بن حضير، وأبي طلحة، وأبي أيوب وأمثالهم.
مخ ۸۵