قال القاضي أبو يعلى وغيره،: واختلفت الرواندية فذهب جماعة منهم إلى أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم نص على العباس بعينه واسمه وأعلن ذلك وكشف وصرح به، وأن الأمة جحدت هذا النص وارتدت. وخالفت أمر الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم عنادا، ومنهم من قال: إن النص على العباس وولده من بعده إلى أن تقوم الساعة، يعني هو نص خفي. فهذان قولان للرواندية، كالقولين للشيعة، فإن الإمامية تقول: إنه نص علي بن أبي طالب من طريق التصريح والتسمية، بأن هذا هو الإمام من بعدي. فاسمعوا له وأطيعوا، والزيدية تخالفهم في هذا.
ثم من الزيدية من يقول: إنما نص عليه بقوله: من كنت مولاه فعلي مولاه، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، وأمثال ذلك من النص الخفي الذي يحتاج إلى تأمل لمعناه، وحكي عن الجارودية من الزيدية: أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم نص على علي بصفة لم توجد إلا فيه، لا من جهة التسمية، فدعوى الرواندية في النص من جنس دعوى الرافضة، وقد ذكر في الإمامية أقوال أخرى.
والمقصود هنا أن أقوال الرافضة معارضة بنظيرها، فإن دعواهم النص على علي كدعوى أولئك النص على العباس، وكلا القولين مما يعلم فساده بالاضطرار، ولم يقل أحد من أهل العلم شيئا من هذين القولين، وإنما ابتدعهما أهل الكذب كما سيأتي إن شاء الله تعالى بيانه، ولهذا لم يكن أهل الدين من ولد العباس وعلي يدعون هذا، ولا هذا بخلاف النص على أبي بكر فإن القائلين به طائفة من أهل العلم.
والمقصود هنا أن كثيرا من أهل السنة يقولون: أن خلافته تثبت بالنص، وهم يسندون ذلك إلى أحاديث معروفة صحيحة، ولا ريب أن قول هؤلاء أوجه من قول من يقول إن خلافة علي أو العباس ثبتت بالنص.
فإن هؤلاء ليس معهم إلا مجرد الكذب والبهتان الذي يعلم بطلانه بالضرورة كل من كان عارفا بأحوال الإسلام، أو استدلال بألفاظ لا تدل على ذلك، كحديث استخلافه في غزوة تبوك، ونحوه مما سنتكلم عليه إن شاء الله تعالى.
فيقال لهذا: إن وجب أن يكون الخليفة منصوصا عليه، كان القول بهذا النص أولى من
مخ ۵۸