قال والإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. وهذا الحديث متفق على صحته، متلقى بالقبول، أجمع أهل العلم بالنقل على صحته، وقد أخرجه أصحاب الصحيح من غير وجه، فهو من المتفق عليه من حديث أبي هريرة وفي أفراد مسلم من حديث عمر، وهم وإن كانوا لا يقرون بصحة هذه الأحاديث، فالمصنف قد احتج بأحاديث موضوعة كذب باتفاق أهل المعرفة.
فإما أن يحتج بما يقوم الدليل على صحته نحن وهم، أو لا يحتج بشيء من ذلك نحن ولا هم، فإن تركوا الرواية رأسا أمكن أن نترك الراوية.
أما إذا رووا هم فلا بد من معارضة الراوية بالرواية، والاعتماد على ما تقوم به الحجة، ونحن نبين الدلائل الدالة على كذب ما يعرضون به أهل السنة من الروايات الباطلة، والدلائل الدالة على صحة ما نقله أهل العلم بالحديث وصححوه.
وهب أنا لا نحتج بالحديث فقد قال الله تعالى: {إ نما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم} (1) . فشهد لهؤلاء بالإيمان من غير ذكر للإمامة وقال تعالى: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون} (2) . فجعلهم صادقين في الإيمان من غير ذكر للإمامة.
وأيضا فنحن نعلم بالاضطرار من دين محمد بن عبد الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن الناس كانوا إذا أسلموا لم يجعل إيمانهم موقوفا على معرفة الإمامة، ولم يذكر لهم شيئا من ذلك.
وما كان أحد أركان الإيمان لا بد أن يبينه الرسول لأهل الإيمان ليحصل لهم به الإيمان، فإذا علم بالاضطرار أن هذا مما لم يكن الرسول يشترطه في الإيمان، علم أن اشتراطه في الإيمان من أقوال البهتان.
فإن قيل هنا قد دخلت في عموم النص، أو هي من باب لا يتم الواجب إلا به، أو دل عليه نص آخر.
مخ ۴۸