٥ - باب في الحقد والحسد
اعلم: أن الغيظ إذا كظم لعجز عن التشفي في الحال رجع إلى الباطن، فاحتقن فيه فصار حقدًا.
وعلامته دوام بغض الشخص واستثقاله والنفور منه، فالحقد ثمرة الغضب، والحسد من نتائج الحقد.
وعن الزبير بن العوام رضى الله عنه، قال: قال رسول الله ﵌: "دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء" (١).
وفى "الصحيحين" عن النبي ﵌ أنه قال: "لا تباغضوا، ولا تقاطعوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، كونوا عباد الله إخوانًا".
وفى حديث آخر عنه ﵌ أنه قال: " إن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب (٢) ".
وفى حديث آخر أنه قال: "يطلع عليكم من هذا الفج (٣) رجل من أهل الجنة، فطلع رجل، فسئل عن عمله، فقال: إني لا أجد لأحد من المسلمين في نفسي غشًا ولا حسدًا على خير أعطاه الله إياه".
وروينا أن الله ﵎ يقول:
"الحاسد عدو نعمتي، متسخط لقضائي، غير راض بقسمتي بين عبادي".
وقال ابن سيرين: ما حسدت أحدًا على شئ من أمر الدنيا، لأنه إن كان من أهل الجنة، فكيف أحسده على شئ من أمر الدنيا، وهو يصير إلى الجنة، وإن كان من أهل النار، فكيف أحسده على شئ من أمر الدنيا، وهو يصير إلى النار.
وقال إبليس لنوح ﵇: إياك والحسد، فإنه صيرني إلى هذه الحال.