بدنه، كالعمش، والعورة، والحول، والقرع، والطول، والقصر، ونحو ذلك.
أو في نسبه، كقولك: أبوه نبطي، أو هندي أو فاسق، أو خسيس، ونحو ذلك.
أو في خلقه كقولك، هو سئ الخلق بخيل متكبر ونحو ذلك.
أو في ثوبه، كقولك: هو طويل الذيل، واسع الكم، وسخ الثياب.
والدليل على ذلك، أن النبي ﵌ سئل عن الغيبة قال: "ذكرك أخاك بما يكره". قال: أرأيت إن كان في أخي ما أقول يا رسول الله؟ قال: "إن كان في أخاك ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته".
واعلم أن كل ما يفهم منه مقصود الذم، فهو داخل في الغيبة، سواء كان بكلام أو بغيره، كالغمز، والإشارة والكتابة بالقلم، فإن القلم أحد اللسانين.
وأقبح أنواع الغيبة، غيبة المتزهدين المرائين، مثل أن يذكر عندهم إنسان فيقولون: الحمد لله الذي لم يبتلنا بالدخول على السلطان، والتبذل في طلب الحطام، أو يقولون: نعوذ بالله من قلة الحياء، أو نسأل الله العافية، فإنهم يجمعون بين ذم المذكور ومدح أنفسهم.
وربما قالا أحدهم عند ذكر إنسان: ذاك المسكين قد بلى بآفة عظيمة، تاب الله علينا وعليه، فهو يظهر الدعاء ويخفى قصده.
واعلم: أن المستمع للغيبة شريك فيها، ولا يتخلص من إثم سماعها إلا أن ينكر بلسانه، فإن خاف فبقلبه وإن قدر على القيام، أو قطع الكلام بكلام آخر، لزمه ذلك.
وقد روى عن النبي ﵌ أنه قال: من أذل عنده مؤمن وهو يقدر أن ينصره أذله الله ﷿ على رؤوس الخلائق" (١).
وقال ﵌: "من حمى مؤمنًا من منافق يعيبه، بعث الله ملكًا يحمى لحمه يوم القيامة من نار جهنم" (٢).