62

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

خپرندوی

دار الهجرة للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

ژانرونه

وإنَّما يَبْقَى النَّظَرُ فِي قَوْلِهِ: «وَمَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً ضَلَالَةً» وإنَّ تَقْيِيدَ الْبِدْعَةِ بِالضَّلَالَةِ يُفِيدُ مَفْهُومًا، وَالْأَمْرُ فِيهِ قَرِيبٌ لأنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ لم تفد مفهومًا، ولأنَّ الضَّلَالَةَ لَازِمَةٌ لِلْبِدْعَةِ بِإِطْلَاقٍ، بِالْأَدِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَلَا مَفْهُومَ أَيْضًا. وَالْجَوَابُ عَنِ الْإِشْكَالِ الثَّانِي (١): أنَّ جَمِيعَ مَا ذُكر فِيهِ مِنْ قَبِيلِ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ (٢)، لَا مِنْ قَبِيلِ الْبِدْعَةِ الْمُحْدَثَةِ. وَالْمَصَالِحُ الْمُرْسَلَةُ قَدْ عَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا السَّلَفُ الصَّالِحُ من الصحابة ومَنْ بَعْدَهم، أمَّا جمعُ المصحف وقَصْرُ الناسِ عليه، فحقٌّ مَا فَعَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، لأنَّ لَهُ أصْلًا يَشْهَدُ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَهُوَ الْأَمْرُ بِتَبْلِيغِ الشَّرِيعَةِ، وذلك لا خلاف فيه، وَالتَّبْلِيغُ كَمَا لَا يَتَقَيَّدُ بِكَيْفِيَّةٍ مَعْلُومَةٍ لأنَّه مِنْ قَبِيلِ الْمَعْقُولِ الْمَعْنَى، فَيَصِحُّ بِأَيِّ شيءٍ أمكن من الحفظ والتلقين والكتابة وغيرها، كذلك لَا يَتَقَيَّدُ حِفْظُهُ عَنِ التَّحْرِيفِ وَالزَّيْغِ بِكَيْفِيَّةٍ دُونَ أُخْرَى، إِذَا لَمْ يَعُدْ عَلَى الْأَصْلِ بإبطال، كَمَسْأَلَةِ الْمُصْحَفِ، وَلِذَلِكَ أَجْمَعَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ. وأمَّا مَا سِوَى الْمُصْحَفِ فَالْأَمْرُ فِيهِ أَسْهَلُ، فَقَدْ ثَبَتَ فِي السُّنَّةِ كِتَابَةُ الْعِلْمِ، فَفِي الصَّحِيحِ قَوْلُهُ ﷺ «اكْتُبُوا لأبي شاهٍ» (٣) . وَأَيْضًا فإنَّ الْكِتَابَةَ مِنْ قَبِيلِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ إِذَا تَعَيَّنَ لِضَعْفِ الحفظ، وخوف اندراس العلم، فَكُلُّ مِنْ سمَّى كَتْبَ الْعِلْمِ بِدْعَةً فإمَّا متجوِّز، وإمَّا غير عارف بوضع لَفْظِ الْبِدْعَةِ، فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ على صحة العمل بالبدع، وإن تعلَّق بِمَا وَرَدَ مِنَ الْخِلَافِ فِي الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ، فَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى الْمُصْحَفِ وَالرُّجُوعِ إِلَيْهِ، وَإِذَا ثَبَتَ اعْتِبَارُهَا فِي صُورَةٍ ثَبَتَ اعْتِبَارُهَا مُطْلَقًا، وَلَا يَبْقَى بَيْنَ الْمُخْتَلِفِينَ نِزَاعٌ إلا في الفروع.

(١) وهو أن الصحابة والسلف الصالح قَدْ عَمِلُوا بِمَا لَمْ يَأْتِ بِهِ كِتَابٌ ولا سُنَّة. (٢) انظر تعريف المصالح المرسلة ص ١٠١. (٣) رواه البخاري (٢٤٣٤، ٦٨٨٠) ومسلم (١٣٥٥) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁.

1 / 58