48

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

خپرندوی

دار الهجرة للنشر والتوزيع

شمېره چاپونه

الأولى

د چاپ کال

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

ژانرونه

فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى بَقَائِهَا عَلَى مُقْتَضَى لَفْظِهَا مِنَ الْعُمُومِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ (١)، ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى﴾ (٢) وما أشبه ذلك.
الثالث: إِجْمَاعُ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ يَلِيهِمْ عَلَى ذَمِّهَا كَذَلِكَ، وَتَقْبِيحِهَا وَالْهُرُوبِ عَنْهَا، وَعَمَّنِ اتَّسم بشيءٍ مِنْهَا، وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ في ذلك توقف، فَهُوَ - بِحَسَبِ الِاسْتِقْرَاءِ - إجماعٌ ثَابِتٌ، فَدَلَّ عَلَى أنَّ كلَّ بِدْعَةٍ لَيْسَتْ بِحَقٍّ، بَلْ هِيَ من الباطل.
الرابع: أنَّ مُتَعَقِّلَ الْبِدْعَةِ يَقْتَضِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، لأنَّه مِنْ بَابِ مُضَادَّةِ الشَّارِعِ واطِّراح الشَّرْعِ، وَكُلُّ مَا كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَمُحَالٌ أَنْ يَنْقَسِمَ إِلَى حَسَنٍ وَقَبِيحٍ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْهُ مَا يُمدح وَمِنْهُ مَا يُذم، إِذْ لَا يَصِحُّ فِي مَعْقُولٍ وَلَا مَنْقُولٍ اسْتِحْسَانُ مشاقَّة الشَّارِعِ.
وَلَمَّا ثَبَتَ ذمُّها ثَبَتَ ذمُّ صَاحِبِهَا لأنَّها لَيْسَتْ بِمَذْمُومَةٍ مِنْ حَيْثُ تَصَوُّرِهَا فَقَطْ، بَلْ مِنْ حَيْثُ اتَّصف بِهَا المتَّصف، فَهُوَ إذًا المذموم على الحقيقة، والذم خاصة التأْثيم، فَالْمُبْتَدِعُ مَذْمُومٌ آثِمٌ، وَذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ والعموم. ويدل على ذلك أربعة أوجه:
١- أنَّ الْأَدِلَّةَ الْمَذْكُورَةَ إِنْ جاءَت فِيهِمْ نَصًّا فَظَاهِرٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمُ وَكانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُم فِي شَيْءٍ﴾ (٣) وقوله:

(١) فاطر: ١٨.
(٢) النجم: ٣٩.
(٣) الأنعام: ١٥٩.

1 / 44