Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
خپرندوی
دار الهجرة للنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
ژانرونه
السَّوَابِقِ، وَإِمَّا فِي اللَّوَاحِقِ، لأنَّ وَضْعَهَا أوَّلًا لم يكن إلا بتعليم الله تعالى.
فَلَوْلَا أنْ منَّ اللَّهُ عَلَى الْخَلْقِ بِبَعْثَةِ الْأَنْبِيَاءِ لَمْ تَسْتَقِمْ لَهُمْ حَيَاةٌ، وَلَا جَرَتْ أَحْوَالُهُمْ عَلَى كَمَالِ مَصَالِحِهِمْ وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالنَّظَرِ فِي أَخْبَارِ الأوَّلين وَالْآخِرِينَ.
وأمَّا الْمَصَالِحُ الأُخرويَّة، فَأَبْعَدُ عَنْ مَصَالِحِ الْمَعْقُولِ مِنْ جِهَةِ وَضْعِ أَسْبَابِهَا، وَهِيَ الْعِبَادَاتُ مَثَلًا. فإنَّ الْعَقْلَ لَا يَشْعُرُ بِهَا عَلَى الْجُمْلَةِ، فَضْلًا عَنِ الْعِلْمِ بها على التفصيل.
فَعَلَى الْجُمْلَةِ، الْعُقُولُ لَا تَسْتَقِلُّ بِإِدْرَاكِ مَصَالِحِهَا دُونَ الْوَحْيِ. فَالِابْتِدَاعُ مضادٌ لِهَذَا الْأَصْلِ، لأنَّه لَيْسَ [لَهُ] مستندٌ شرعيٌ بِالْفَرْضِ، فَلَا يَبْقَى إِلَّا مَا ادَّعوه مِنَ الْعَقْلِ.
فَالْمُبْتَدِعُ لَيْسَ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ بِدْعَتِهِ أَنْ يَنَالَ بِسَبَبِ الْعَمَلِ بِهَا، مَا رَامَ تَحْصِيلَهُ مِنْ جِهَتِهَا، فصارت كالعبث.
(الثاني) أنَّ الشَّرِيعَةَ جَاءَتْ كَامِلَةً لَا تَحْتَمِلُ الزِّيَادَةَ وَلَا النُّقْصَانَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِيهَا: ﴿الْيَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لكَمُ الإسلامَ دِينًا﴾ (١) .
وَفِي حَدِيثِ العِرباض بْنِ سَارِيَةَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْأَعْيُنُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ هذه موعظة
(١) المائدة: ٣
1 / 16