Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
خپرندوی
دار الهجرة للنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
ژانرونه
الِاخْتِلَافِ لَازِمٌ لَهُمْ حَتَّى أُطْلِقَ عَلَيْهِمْ لَفْظُ اسْمِ الْفَاعِلِ المُشْعِر بِالثُّبُوتِ، وَأَهْلُ الرَّحْمَةِ مبرءُون مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّ وَصْفَ الرَّحْمَةِ يُنَافِي الثُّبُوتَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ، بَلْ إنْ خَالَفَ أَحَدُهُمْ فِي مَسْأَلَةٍ فإنَّما يُخَالِفُ فِيهَا تحريًِّا لِقَصْدِ الشَّارِعِ فِيهَا، حَتَّى إِذَا تبيَّن لَهُ الْخَطَأُ فِيهَا رَاجَعَ نَفْسَهُ وَتَلَافَى أَمْرَهُ، فخلافُه فِي الْمَسْأَلَةِ بِالْعَرْضِ لَا بِالْقَصْدِ الأوَّل، فَلَمْ يَكُنْ وَصْفُ الِاخْتِلَافِ لَازِمًا وَلَا ثَابِتًا، فَكَانَ التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالْفِعْلِ الَّذِي يَقْتَضِي الْعِلَاجَ وَالِانْقِطَاعَ ألْيَقَ فِي الموضع.
(الثالث): أنَّا نَقْطَعُ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ وَاقِعٌ مِمَّنْ حَصَلَ لَهُ مَحْضُ الرَّحْمَةِ، وَهُمُ الصَّحَابَةُ وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ بِإِحْسَانٍ ﵃، بِحَيْثُ لَا يَصِحُّ إِدْخَالُهُمْ فِي قِسْمِ الْمُخْتَلِفِينَ بِوَجْهٍ، فَلَوْ كَانَ الْمُخَالِفُ مِنْهُمْ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ مَعْدُودًا مَنْ أَهْلِ الِاخْتِلَافِ - وَلَوْ بوجهٍ مَا - لَمْ يَصِحَّ إِطْلَاقُ الْقَوْلِ فِي حَقِّهِ: أنَّه مِنْ أَهْلِ الرَّحْمَةِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ أهل السنة.
وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أنَّ المُراد بِالْمُخْتَلِفِينَ فِي الْآيَةِ أَهْلُ الْبِدَعِ، وَأَنَّ من رحم ربك أهل السنة وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْ بَسْطِهِ.
فَاعْلَمُوا أنَّ الِاخْتِلَافَ فِي بَعْضِ الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ لَا يَقَعُ فِي العاديَّات الْجَارِيَةِ بَيْنَ الْمُتَبَحِّرِينَ فِي عِلْمِ الشَّرِيعَةِ الْخَائِضِينَ فِي لُجَّتِها الْعُظْمَى، الْعَالِمَيْنِ بِمَوَارِدِهَا وَمَصَادِرِهَا.
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ اتِّفَاقُ الْعَصْرِ الأوَّل وَعَامَّةُ الْعَصْرِ الثَّانِي عَلَى ذَلِكَ، وإنَّما وَقَعَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِسْمِ الْمَفْرُوغِ مِنْهُ آنِفًا، بَلْ كلُّ خلافٍ عَلَى الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ وَقَعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ أَسْبَابٌ ثَلَاثَةٌ قَدْ تَجْتَمِعُ وَقَدْ تَفْتَرِقُ:
(أَحَدُهَا): أَنْ يَعْتَقِدَ الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ أَوْ يُعْتقدَ فِيهِ أنَّه مِنْ أَهْلِ العلمِ
1 / 118