وقد يورد الحديث الضعيف وهو على علم به، لأن فيه ما يشهد له في الآيات والأحاديث الأخرى كما فعل في حديث الأطيط، فقد قال عقبة "ص٣٩":
" وهذا الحديث إنما سقناه لما فيه مما تواتر من علو الله تعالى فوق عرشه بما يوافق آيات الكتاب ".
قلت: وأما أنا فقد جريت في هذا "المختصر" على حذفه وحذف أمثاله من الأحاديث الضعيفة، لأنها وإن كانت تتضمن بعض الحق الذي ورد في النصوص الصحيحة، فإنها على الغالب لا تخلو من زيادات إن لم تكن باطلة أو منكرة فهي على الأقل غريبة لا يوجد لها من الشواهد ما يدعمها فقد يتوهم بعض القراء من ذكرها أنها ثابتة برمتها دون أن ينتبه لكون الشاهد لها، إنما هو شاهد لبعض ما فيها كما سبق. هذا إذا صلحت النية وإلا فقد يستغلها بعض أهل الأهواء والتعصب الخبيث على أهل الحديث، ويوردها محتجا بها لصرفه دلالة الروايات الصحيحة عن الحق الذي دلت عليه وحملها على معاني باطلة اعتمادا منه على مجرد ذكر المؤلف لها، وهو إنما أوردها على سبيل الاستشهاد بها في الجملة لا في التفصيل. من أمثلة ذلك ما صنعه الكوثري المشهور بحديث الجارية الصحيح الآتي برقم "٢"، فإنه استغل أسوأ الاستغلال الرواية الثانية التي أوردها المصنف في الأصل عقب الحديث المذكور كشاهد لها في الجملة لا في التفصيل، فجاء الكوثري واعتمد عليها جملة وتفصيلا عازيا إياها للمصنف، موهما القارئ أنها ثابتة عنده، فضرب بها الحديث الصحيح، وأبطل بها دلالته الصريحة على مشروعية السؤال بـ"أين الله" لأنه لم يقع فيها هذا اللفظ، وإسنادها ضعيف. كما تراه مشروحا في التعليق عليه قريبا إن شاء الله تعالى.
من أجل ذلك وغيره أعرضت عن ذكر الرواية المذكورة ونحوها من الأحاديث الضعيفة، ففي ما ثبت منها خير وبركة وغنية.
٣- وقد أحذف ما صرح المؤلف بثبوته أو نقله عن غيره لعلة قادحة ظهرت لي. كحديث أبي هريرة مرفوعا: "لَمَّا أُلْقِيَ إِبْرَاهِيمُ ﵇ فِي النَّارِ قَالَ:
1 / 11